الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

خسائر المعارضة السودانية جراء تجربة العصيان المدني!!

ربما يبدو ظاهرياً أن قوي المعارضة السودانية المحتمية خلف دعوات العصيان المدني لم تخسر شيئاً، فهي حاولت الاستفادة من سلاح سياسي ولكنه لم يحقق لها ما أرادته ومن ثم فهي لم تدفع فلساً من جيبها السياسي ومن ثم فهي غير خسارة!
ربما بدا الأمر علي السطح بهذه البساطة ولكن طالما نتمعن في القضية بكافة  جوانبها، بعمق وبموضوعية فإن دعوة العصيان المدني الفاشلة لمرتين حتي الآن أحدثت خاسراً إستراتيجية ضخمة في الصف المعارض عموماً، والمؤلم في الأمر أن هذه الخسارة المهولة سعت لها قوي المعارضة سعياً، إذ لربما كان الأمر يكون مختلفاً وأقل كلفه لو أن الأمر اقتصر علي مجموعة شبابية هازئة، تجلس خلف شاشات الاسفير وعالمه الافتراضي، وتفعل ما بدا لها دون أن تتكبد خسائراً حقيقية مؤثرة، ولكن حالما تبنت قوي المعارضة  العملية واعتقدت أنه قد أزفت الآزفة، فإن الخسارة بدت مهولة للغاية، فيا تري كيف يمكن حساب خسائر المعارضة السودانية جراء هذا الفشل التاريخي المتتالي؟ أولاً: خسرت المعارضة السودانية سلاح العصيان نفسه كسلاح مؤثر وخطير ويكن القول، أن سؤ استخدام هذا السلاح والمغامرة به – لمرتين – جعله عديم الفاعلية معدوم النتائج، ففي الممارسة السياسية كما في ميادين الحروب فإن الطلقة التي لا تنطلق من مكمنها ومن ثم لا نصيب ولا يتوقع لها أن تصيب تجعل مستخدم السلاح فاقداً للثقة في سلاحه ويذكر تاريخياً في معارك تحرير فلسطين (معارك 1948) أن واحدة ما عرف تاريخياً (بالأسلحة الفاسدة)، وقيل حينها أن هذه الأسلحة التي كانت تحتفظ بالطلقات في خزانتها داخل السلاح ولا تنطلق مهما فعل الجندي ومهما كانت قوة أصابعه زعزعت ثقة الجندي في نفسه وشجاعته وأفقدته القدرة المعنوية علي القتال.
سلاح العصيان الآن فعلت به قوي المعارضة ذات الشئ، جعلته لا يطلق مقذوفاته من خزانتها ومن ثم فقدت هي وأفقدت مشايعيها الثقة فيه ومن ثم خرج هذا السلاح عملياً من المعركة.
ثانياً: إذا كانت التجربة الأولي فاشلة ثم التجربة الثانية فاشلة، فإن من الصعب أن تجري تجربة ثالثه هكذا هو منطق الأشياء، وإذا ما غامرت القوي المعارضة وحاولت خوض تجربة ثالثه، فإن رقعة الفشل ستكون  أضخم عن ذي قبل، وإذا ما أحجمت عنها، فهي تكون قد أثبتت أنها استخدمت سلاحاً استخداماً غير صحيح ومن ثم لم يعد لديها سلاح.
ثالثاً: تكرار التجارب الفاشلة من المحتم أن ينزع القدر القليل من المصداقية الموجود لدي بعض المنتمين لهذه القوي السياسية، وسوف تتفاقم صعوبة إيجاد سلاح آخر بديل مهما كانت عبقرية هذه القوي، خفي واقع الأمر فإن سلاح العصيان المدني- لسؤ الحظ- هو آخر سلاح أو فلتقل آخر عود ثقاب تم إشعاله وفرغت عليه الثقاب من الأعواد غير المستخدمة ولم بعد ممكناً إجراء تجارب جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق