الخميس، 22 ديسمبر 2016

عبد السخي: تجربة العصيان كانت اختباراً حقيقياً للمعارضة وأثبتت أنها ضعيفة

رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم "عبد السخي عباس" في حوار الصراحة الشعب فوّت الفرصة على المتربصين وعلى "الصادق المهدي" أن يعيد حساباته بعد فشل تجربة العصيان المؤتمر الوطني سيقدم أكبر تنازل في تاريخه وليس هنالك أي انقسامات داخله بسبب الحوار أحزاب اليسار لا تستطيع الوصول إلى الحكم عن طريق انتخابات وكل المرات التي حكمت فيها كانت عن طريق حكومات انتقالية ليس هنالك قيادات قديمة وجديدة ولا صقور ولا حمائم داخل الحزب تجربة العصيان كانت اختباراً حقيقياً للمعارضة وأثبتت أنها ضعيفة ستضاف وزارتان اتحاديتان و(67) نائباً للمجلس الوطني و(17) لمجلس الولايات و(7) أعضاء لكل تشريعي ولائي عدا الخرطوم والجزيرة بـ(14) عضواً . تمر البلاد بالعديد من المتغيرات والتحديات خلال الفترة المقبلة، ولعل أبرزها إجازة التعديلات الدستورية المرتقبة بجانب تشكيل وإعلان حكومة الوفاق الوطني الأمر الذي يجعل المؤتمر الوطني الحزب الحاكم هذه الأيام مشغولاً ومشدوداً على عدة جبهات، واجتاز الوطني، أمس الأول (الاثنين)، تجربة العصيان المدني الذي دعا له ناشطون وأحزاب سياسية، ووجد تجاوباً ضعيفاً الأمر الذي جعل الحزب الحاكم يعيد ويدخل التجربة حيز التقييم حسب حديث رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم "عبد السخي عباس" الذي جلست إليه (المجهر) في حوار تحدث فيه باستفاضة وصراحة عن أسباب فشل العصيان المدني وقراءته للمشهد السياسي خلال الفترة المقبلة.. فإلى مضابط الحوار..
{ ما تقييمك للعصيان المدني الذي دعا له ناشطون سياسيون ومعارضون؟
العصيان، كان دعوة مجهولة الهوية وبأهداف بعيدة وغير منطقية. كان الأحرى بالذين دعوا له أن يحتجوا مثلاً على الزيادات في الأسعار، لكن أن يفكروا بإسقاط النظام أعتقد أن ذلك يحتاج إلى قدرة على الفعل السياسي، بالإضافة إلى أن الدعوة لإسقاطه والإتيان بالبديل له يمثل واحداً من المحاذير التي يعرف الشعب السوداني عواقبها. فإذا كانت المعارضة تظن أن الوطني سيئ في نظر الشعب السوداني فهم أسوأ بكثير منا بنظر الشعب الواعي والمعلم. وأنا كقيادي بالمؤتمر الوطني أعتقد أن هذا الشعب فوّت الفرصة على المتربصين والمخربين، ويستحق أن نقدم له كل ما لدينا من جهد وعمل، وذلك بإحكام السياسات بالوضع السياسي وتنفيذ مخرجات الحوار بإشراك القوى والأحزاب، والاهتمام بمعاش الناس وإفراد مساحات واسعة له.
{ لكن هنالك حركات مسلحة تبنته على غرار حركتي "عبد الواحد" و"مناوي" وقطاع الشمال؟
هم بالطبع لديهم مجموعات وخلايا نائمة وسط طلاب الجامعات، وكانوا يمنون النفس بنجاح العصيان وحدوث تفلتات ليحكموا البلاد، مع ظنونهم بأنهم أفضل من يحكم، خاصة بقوة السلاح وعلاقاتهم مع دوائر غربية والجنوب. لكن للأسف هم لا يحظون بثقة هذا الشعب ومرفوضون بالنسبة له. وفي رأيي أن تبني مثل هذه الحركات للعصيان هو واحد من الأسباب التي أفشلته، وجعلته ينهزم شر هزيمة، وبالتأكيد أصيبوا بإحباط وحزن شديد خاصة وأنهم كانوا يأملون بصورة كبيرة فيه.
{ برأيك.. ماذا استفاد المؤتمر الوطني من دعوات العصيان؟
الاستفادة الأولى التي يجب أن ننظر إليها هي أن الشعب السوداني لم يستجب للعصيان وفوّت الفرصة على المخربين، وهذا يجعلنا نقابل ذلك بمزيد من العطاء والعمل. وهذا الحدث كان اختباراً للمعارضة التي أثبتت أنها ضعيفة قبل المؤتمر الوطني، بالإضافة إلى أنها أبرزت لنا بأن لدينا خللاً بالوسائط الإعلامية الخارجية، التي دعم البعض منها هذه الدعوات بتكثيف الحملات الإعلامية لها، بالإضافة إلى أنه يجب أن نكون أفضل بالوسائط الإلكترونية المتمثلة بمواقع التواصل الاجتماعي. وبشكل عام دعوات العصيان أدخلناها للتقييم والدراسة.
{ هنالك أنباء تتردد بين الحين والآخر وتشير إلى أن هنالك انقساماً داخل المؤتمر الوطني حول مسألة الحوار.. وهنالك بعض يرفض مبدأ الحوار من الأساس؟
هذا الحديث غير صحيح، ليس هنالك أي رفض للحوار بل على العكس هنالك توافق تام حوله، والإيمان بأنه من متطلبات المرحلة المقبلة، والآن بدأت الحكومة مشاورات مع القوى المشاركة بالحكومة والحوار لتشكيل حكومة الوفاق الوطني. وأنا أقول لك إن الوطني سيقدم أكبر تنازل له في تاريخه في الحكومة المقبلة. والحوار سيكون طريقاً للاستقرار وحلحلة مشاكل البلاد، ونحن ملتزمون بتنفيذ مخرجاته وإنزاله على أرض الواقع.
{ لكن هنالك قيادات داخل الوطني ترفض حتى التنازل وتعدّه مرفوضاً بالنسبة لها باعتباره حزباً جاء بالانتخابات وذلك حسب ما نشر في أوقات سابقة بعدد من الصحف ؟
دا كلام ساي.. وطبعاً غير حقيقي. والانتخابات الشرعية لا تمنع من إشراك الآخرين. وحتى لو فزنا بالانتخابات يجب علينا أن نشرك القوى التي شاركت بالحوار.
{ ما هي النسبة التي سيشارك بها المؤتمر الوطني في الحكومة المقبلة؟
لا أستطيع التحديد. هذا أمر متروك للمكتب القيادي الاتحادي بالحزب ومؤسسات الحوار الوطني. لكن ما أستطيع تأكيده هو أن المؤتمر الوطني ملتزم بتنفيذ المخرجات وضرورة إنزالها على أرض الواقع، وسيقدم أكبر تنازل في تاريخه السياسي على مستوى المركز والولايات. والرئيس ملتزم بتنفيذ مخرجاته وهو الضامن له.
{ التعديلات الدستورية الآن تمضي نحو مراحلها النهائية.. هل هنالك تشريعات وجدت الاعتراض داخل الحزب؟
التعديلات تمضي بشكل ممتاز. وستعرض على لجنة متابعة الحوار قبل أن تجاز في المرحلة الأخيرة ليتم الاطمئنان عليها، ومن ثم تعرض على البرلمان لإجازتها وإنزالها على أرض الواقع.
{ ما تقييمك للقرارات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بمباركة من الحزب الحاكم؟
القرارات التي اتخذت هي الدواء، وإن كان مراً، لكن سيكون فيه الشفاء.
{ هل سيكون رئيس الوزراء من المؤتمر الوطني؟
بالتأكيد سيكون من المؤتمر الوطني، لأنه الحزب الحاكم الذي وصل إلى هذا المكان بانتخابات شرعية، وهو الذي دعا للحوار.. لذلك لابد أن يكون هذا المنصب من حقه.
{ ألا تعتقد بأن الحوار سيفقد مضمونه حال استحواذ الوطني على مواقع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزارات السيادية؟
لا.. هذه الحكومة ستكون أعرض حكومة.. الآن الوزارات (31) وزارة، وستصبح (33) وزارة اتحادية. وسيضاف (67) عضواً للمجلس الوطني و(18) لمجلس الولايات و(7) لكل مجلس تشريعي ولائي (عدا الخرطوم والجزيرة حيث يضاف 14 عضواً لكل منهما). ومن الــ(33) وزارة اتحادية سيكون نصيب المؤتمر الوطني الأقل.
{ كيف تنظرون في الوطني إلى وضعية رئيس حزب الأمة القومي "الصادق المهدي"؟
"الصادق" كان قد حدد موعد عودته بالتاسع عشر من ديسمبر الجاري، وعندما سمع بدعوات العصيان آثر أن لا يأتي، بعد أن صور له بعض الناس أن العصيان سينجح وكان يمني النفس بأن يعود كعودة "حامد كرزاي"، لكن بعد تجربة العصيان الواقعية يجب أن يعيد حساباته، وأنا أدعوه للعودة قبل 25 يناير.
{ هنالك أحزاب جاهرت صراحة بأن الوطني يستهدف من الحوار كسب الوقت.. ما تعليقكم؟
هذا الحوار كان جاداً منذ البداية وأخذ فترة كافية. حوار انطلق لمدة ثلاثة أعوام كفيل بأن يحرر شهادة مصداقيته.
{ أحزاب اليسار وقوى الإجماع الوطني وتحديداً الشيوعي ترفض الحوار.. كيف تنظرون إلى موقفها؟
الحزب الشيوعي يعتقد أن الحوار سيزيد من شرعية المؤتمر الوطني باعتبار أنه ستجري انتخابات في المستقبل، والشيوعيون لا يستطيعون مقارعة الوطني عبر الانتخابات ويراهنون على حكومة انتقالية أو انتفاضة شعبية، والخياران لا يجدان قبولاً عند الشعب، الذي يجد الأمل بحكومة الوفاق الوطني المقبلة. وأعتقد أن أحزاب اليسار عموماً ليس لديها جرأة لأن تخوض انتخابات، وكل الفترات التي حكمت فيها كانت عبر حكومات انتقالية.
{ ثمة انتقادات وجهت للوطني حتى من قبل قياداته العليا المتمثلة بالرئيس في أوقات سابقة بأن الوطني بات ضعيفاً على مستوى القواعد وشعب الأساس وهو ما بدا واضحاً من خلال الإقبال الضعيف في انتخابات 2015.. هل تمت معالجة هذه الإشكالية؟
إلى حد ما كانت الشعب ضعيفة في انتخابات 2015. وأعتقد أنها جاءت ضعيفة لعدم وجود منافس حقيقي.. وللمقارنة، في انتخابات 2010 كانت هنالك منافسة من الحركة الشعبية، وهذا الأمر جعل الحركة الإسلامية والوطني يخوضونها ويفوزون بها، لكن انتخابات 2015 لم تكن هنالك أية منافسة، والحمد لله تجاوزنا هذه المعضلات. وفي عهد الأخ "محمد حاتم سليمان" تمت إعادة هيكلة الحزب واللجان القاعدية ومشروع الحي النموذجي والندوات السياسية، الأمر الذي أكد تعافي الحزب من هذه الإشكاليات.
{ هنالك اتهامات للوطني- أيضاً- بأنه لا وجود لشورى داخله وأن الحزب مختزل في شخصين أو ثلاثة على أكثر تقدير.. ما تعليقك؟
هذا أيضاً غير صحيح. الشورى موجودة داخل الحزب وأكبر دليل على ذلك هو تكوين المكتب القيادي من داخل الشورى. وللأمانة والصراحة فإن شورى الوطني بالولاية من أقوى مجالس الشورى وأنشطها، وذلك من خلال لجانه المباشرة المتابعة.
{ هل ستكون هنالك عودة للقيادات القديمة التي غادرت موقعها قبل سنوات؟
ليس هنالك قيادات قديمة وجديدة. البقاء يكون لمن تأتي به مؤسسات الحزب وتجد فيه الكفاءة. وليس لدينا جديد ولا قديم، ولا صقور ولا حمائم داخل الحزب.
{ كيف تنظرون إلى مرحلة ما بعد الحوار؟
هي مرحلة ستكون مهمة جداً. وستمثل التحدي الأكبر للقوى المشاركة بالحوار، خاصة وأن حكومة الوفاق الوطني ستأتي عريضة جداً، بمشاركة (89) حزباً و(36) حركة مسلحة، الأمر الذي قد يأتي بقيادات ليست لديها الخبرة بالعمل السياسي مما يجعل حكومة الوفاق الوطني في تحدٍ حقيقي لتنفيذ مخرجات الحوار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق