الخميس، 1 ديسمبر 2016

منظمات دولية آيلة للإنهيار والسقوط!

يعتقد الكثيرون من خبراء القانون الدولي إن المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة خصيصاً في المجال الحقوقي والقضايا الانسانية في طريقها إلى التراجع والانهيار، ليس فقط لأن هذه المنظمات دخلت ذات المضمار بدوافع سياسية ولتحقيق أغراض
أبعد ما تكون عن الاهداف الانسانية السامية، ولكن لان الطريقة التى اتبعتها هذه المنظمات في عملها واستقاءها للمعلومات وطريقة عرضها واستغلالها لهذه المعلومات أثارت الشكوك حولها، وفي أحيان كثيرة أثارت كوامن وغضبة حكومات عديدة حول العالم.
على سبيل المثال منظمة العفو الدولية، المنظمة الأكثر شهرة على مستوى العالم والتى يعتقد أنها تتمتع بقدر من النشاط والحيوية، هذه المنظمة وجدت نفسها في منتصف تسعينات القرن الماضي في مواجهة مع المحكمة العليا في بريطانيا، حتى وصل الأمر لصدور قرار قضائي ضدها. كان واضحاً أن البريطانيين اكتشفوا (خطأ ما) في طريقة عمل المنظمة وتجاوزاتها.
هيومان رايتس وتش، أحدى اكبر المنظمات الحقوقية التى أتاحت لها الظروف في السنوات الماضية أن تتخذ لها في الميدان الدولي مساحة واسعة النطاق كان مجرد صدور قرار من قبلها بمثابة توتر وقلق للعديد من بلدان العالم، ولكن سرعان ما تبين أن طريقة حصولها على تقاريرها تشوبها شوائب عديدة، هي في غالب الأحيان تعتمد على خصوم سياسيين ومعارضين، وعملاء محليين بالكاد لديهم المعلومات، بل ثبت -كما في حادثة ضرب مصنع الشفاء في أغسطس 1998- أن من السهل تضليل أجهزة المخابرات الكبرى نفسها، فما بالك بمنظمة حقوقية؟
 إذا كان بإمكان المصادر المحلية والعملاء تضليل جهاز مخابرات عريق وذي مهارة مهنية وحرفية عالية مثل الـ(سي آي أيه) فما الذي يمنع من تضليل منظمة حقوقية أقصى ما تملكه المال و الإغراء بإعادة التوطين للشخص الذي منحها المعلومات (الملونة) المطلوبة لكي تطلق مزاعمها –دن تردد– على الملأ.
هيومان رايتس لم تفتقد مصداقيتها على المستوى الدولي فحسب -لكثرة ما أوردت من تقارير نادراً ما ثبت صحتها- ولكن لأن المنظمة في أحيان كثيرة تلون تقاريرها بألوان سياسية وتبدو منحازة بامتياز ضد الدولة الصادر ضدها التقرير، والأكثر سوءاً –وهي ملاحظة تحدثت عنها بحوث أكاديمية عديدة– أن هيومان رايتس ووتش تتحاشى إيراد تقارير عن حالات انتهاكات حقوقية في دول كبرى، ويرجع ذلك إلى خوفها من أن تثير غضب الدول الكبرى ومموليها ولكن أيضاً لان أي تقرير حقوقي في دولة كبرى يتطلب إيراد الأدلة المادية القوية، لان البلدان الكبرى لا تدع الأمر يمر مرور الكرام، كما هو الحال في البلدان الأقل قوة والقليلة الحيلة.
 لهذا فإن المرتع الخصب لهيومان رايتس هو ما يسمى ببلدان العالم الثالث إذ تكتفي المنظمة هنا بإيراد الوقائع -دون الحاجة إلى أدلة ثبوتية- اعتماداً على الصدى الإعلامي وإثارة البلبلة و الشكوك فقط، فهي لا تريد أكثر من ذلك.
الأمر نفسه ينطبق على محكمة الجنايات الدولية والتى بات الانسحاب منها يتهدد بقاءها، إذ أن خبيراً قانونياً يعمل في لاهاي قال فى ندوة أكاديمية محدودة في جامعة متشجان وكرر ذات الأمر في جامعة شيكاغو أن ما تبقى لقفل أبواب المحكمة و إيداعها في متحف التاريخ لا يتعدى ربع عمرها المهني الذي قضته في العمل!
وبالطبع لم يشأ الرجل وهو على علم بقدر مهول من الأسرار أن يسهب في الموضوع ويورد تفاصيل مخيفة! إجمالاً إذن، يمكن القول إن العصر الحالي هو بلا منازع عصر انهيار المنظمات الدولية الحقوقية، التى اتخذت لنفسها قناعاً مهنياً صارماً وطفقت تلاحق المشتبه بهم دون أن تعي بأنها تعج بالمثالب والعيوب وأن اتساع رقعة الوعي دولياً و تنامي مفاهيم الانعتاق لدى الكثير من نشطاء العمل الحقوقي في البلدان النامية بات صخرة معيقة لمسيرة هذه المنظمات وكان لزاماً عليها أن تسقط وأن تتراجع وان يقل أثرها دولياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق