الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

مهمة سهلة ومستعجلة!!

كان أمراً بالغ الغرابة أن يذهب بعض قادة الحزب الشيوعي السوداني ومن بينهم سكرتيره العام، بمعية بعض أحزاب اليسار – حاملين مذكرة – إلي القصر الرئاسي
احتجاجاً علي القرارات الاقتصادية الأخيرة.
وجه الغرابة هنا ليس في كون الاحتجاجات السياسية- ذات الطابع الصفوي وليس الجماهيري- لا تذهب إلي القصر الرئاسي هكذا وعلي هذا النحو للتعبير عن رفض قرارات الحكومة، فالقادة الذين حملوا مذكرتهم ثم عادوا بها كانوا يعملون مسبقاً أن القصر الرئاسي لن يتسلم المذكرة ولن يخاطبهم أحد وذلك ببساطة لأن القصر الرئاسي، موضع السيادة الوطنية للدولة لا تجري الأمور معه علي هذا النحو!!
والمفارقة هنا أن الحزب الشيوعي السوداني الذي قاد العملية سبق وأن أصدر قرارات بفصل قادة في اللجنة المركزية لمجرد عقدهم لقاءات خارج منظومة الحزب كما زعم.
حزب بهذا القدر من التحقيق والتدقيق من الصعب أن تفوت عليه طريقة تقديم الاحتجاجات وكيفية تنظيم المقابلات في القصر الرئاسي.
لو أن الأمر كان علي هذا النمط العجيب من الفوضى لما استحق القصر خصوصيته السيادية واحترامه.
ولهذا كما قلنا ليس وجه الغرابة في هذا المسلك، فالقيادة التي تدير الحزب الشيوعي السوداني فعلن فيها العقود والسنوات وتداعيات التقدم في السن الأفاعيل، ولكن وجه الغرابة بدا لنا في وجهة أخري شديدة الغرابة فالحزب الشيوعي السوداني، واليسار العريض عموماً يراهنون دائماً – كما ظلوا يزعمون – علي العمل الجماهيري.
ويدعون أنهم (قادة الشارع) وسدنة الطرقات وتجدهم في ناصية كل تظاهرة أو موكب سلمي أو غير سلمي.
الحزب الشيوعي السوداني ويساره الذي يرافقه أكثر أدعياء امتلاك ناصية الجماهير إجادة فن تحريك التظاهرات وإدارة العمل السياسي الشعبي في الهواء الطلق!
فيا تري أين ذهبت جماهير الطبقة العاملة وعضوية الحزب في ذلك النهار الشتوي الفاتر، وعمائم قادة الشيوعي بالكاد تصد عن رؤوس اللجنة المركزية لفحات برودة الموقف وصقيعه والعودة الخائبة تجفي المذكرة كما هي لتصبح واحدة من وثائق الحزب التاريخية!!
الأمر الذي يمكن اعتباره هو أيضاً مدعاة للاستغراب في هذا الموقف أن قادة الحزب الذين يصرفون الكثير – ولو نظرياً – عن الاقتصاد وما قاله ماركس ولينين وغيرهم من مفكري الحزب، لم تحقق المذكرة التي قدموها علي حلول ايجابية واقعية للاقتصاد السوداني.
من المشين- سياسياً- أن يحتج حزب عريق كالحزب الشيوعي وفي معيته رفاق آخرين من ذات اليسار علي أجزارات اقتصادية دون إيراد (دراسة نقدية) جديرة بالتأمل والاحترام فالاقتصاد علم بدائل، وطالما هو كذلك فإن الموقف كان يقتضي (موقفاً وطنياً) بحيث يطرح المحتجون حلولهم الكفيلة بتخفيف الأمر علي (شعبهم)!!
فالذي يدعي شفقته علي الشعب، عليه أن يقدم طرحاً لهذا الشعب قابل للتطبيق، قابل للجدل، جدير بالاحترام.
ولكن أن تذهب مذكرة بهذه الطريقة إلي القصر فقط للاحتجاج وتسجيل موفق تاريخي، فهو أمر لا يتجاوز (المجد السياسي الخاص) لمن فعلوا ذلك خاصة وأنهم من كلاسيكي الحزب والممعنين في الكلاسيكية والأفكار الطاعنة في السن!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق