الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

الحوار الوطني والتخطيط الاستراتيجي

حملت الاخبار أن المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي قد انعقد بالامس بالخرطوم برئاسة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية رئيس المجلس، لكم تمنيت لو ان عضوية المجلس اتسعت هذه المرة في جلسة انعقاد موسعة يسمح فيها لكل ممثلي الاحزاب والحركات المشاركة في الحوار على الاقل لكي تحضر الجلسات ويعاد تقديم الاهداف الكلية للاستراتيجية الشاملة بدلاً عن مؤشرات أداء الخطط المرحلية الخمسية، اتمنى ذلك ليس من باب التندر او اطلاق الاماني، ولكن على خلفية علمية تتطلب تحقيق غرضين أساسيين من المشاركة: الأولهو أهمية الوعي الاستراتيجي لانجاز او انفاذ اي استراتيجية، واذا كان الوعي الاستراتيجي غائباً لدى قادة العمل السياسي الذين يقررون في حاضر الوطن ويسهمون في توجهه نحو المستقبل او اعتراض سبيله من حيث يدرون او لا يدرون، فكيف تنجح في التنفيذ؟، بل لا يمكن أن نبني استراتيجية في ظل غياب الوعي الاستراتيجي وان اول خطوة في انفاذ الاستراتيجية هي خلق الوعي الاستراتيجي عند عامة الشعب وعبر وسائل التنشئة الاجتماعية والسياسية والمراحل التعليمية الاولية ووسائل الاعلام، وخير واقعة تبرهن على هذه الأهمية حكاية متداولة عند بعض الخبراء الاستراتيجيين مفادها أن وفداً من إحدى دول العالم الثالث توجه نحو ماليزيا للاطلاع على تجربتها في التخطيط الاستراتيجي، وحددت له مواعيد رسمية مع مدير مؤسسة التخطيط الاستراتيجي الماليزية، ولهاجس عدم الانضباط في المواعيد حضوراً مبكراً قبل نصف ساعة من المواعيد، فوجدوا شاباً في منتصف العمر أحسن استقبالهم وأخبروه بأنهم جاءوا للاطلاع على تجربة ماليزيا الرائدة التي جعلتها تحدث نقلات كبيرة في سنوات محدودة، فأخذ يحدثهم عن الاستراتيجية الماليزية غاياتها وأهدافها ومراحلها حتى انقضى نصف الساعةواكتفوا بما سمعوه من حديث وافوهموا بالانصراف، قال لهم أن السيد المدير في انتظاركم، فقالوا له ومن أنت أن لم تكن المدير؟فرد عليهم بأنه (ساعي) مراسلة في مكتب المدير، وانه ما كان ليضيع وقت المدير بحضورهم المبكر فشغلهم حتى جاءت المواعيد، فسألوه وما أدراك بالاستراتيجية لهذه الدرجة وأنت ساعي؟ فقال لهم إن لم يفهم كل المواطنين الاستراتيجية فكيف ستنفذ من الذي سيسعى لتحقيق أهدافها او ليس المواطن نفسه.اما الغرض الثاني الذي سيتحقق لو اتيحت لهؤلاء القادة المشاركين في الحوار الوطني فهم الغايات الاستراتيجية فإنه الوعي بأدوارهم التي يمارسونها حالياً، فاذا كانت الاستراتيجية هي امتلاك وسائل القوى الشاملة للدولة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وعسكرياً وتقنياً وعلمياً، فإن كل تفويت لفرصة استقرار السودان ووحدته وتنميته هي لعب لدور يصب في مصلحة امتلاك قوى معادية ومنافسة للسودان لوسائل القوة الشاملة واضعاف للسودان ليختار كل سياسي وحزب موقفه ودوره عن وعي ووضوح.
حاشية :
لقد دخل السودان مجال التخطيط الاستراتيجي للدولة مبكراً مقارنة بدول في محيطه لم تبلغه بعد، وكون مجلساً للتخطيط الاستراتيجي قبل أربعة عشر عاماً رغم ممانعة قوى عظمى، ووطن علم الاستراتيجية القومية، لكن الذي ينقصه هو غياب تركيز الاحزاب السياسية على المصالح العليا للسودان الدولة لا الاحزاب ولا الانظمة، ولو صح المنهج وصدقت النوايا فسوف يتمخض الحوار الوطني عن اجماع على هذه المصالح كثوابت وطنية ومنثم يجب انتشترك جميع التيارات السياسية والمجتمعية في تضمينها في الاستراتيجية، لأنها ملك للوطن يصنعها الجميع ويتراضى عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق