الأحد، 25 أكتوبر 2015

ظروفهم وإرتباطاتهم لا تسمح لهم بالحوار أو التفاوض الموضوعي!

لا يبدو الامر بهذه البساطة والسهولة، إذ ان الذين يتوقعون ان يقبل سدنة العمل السياسي المعارض المنطلق من الخارج والمقترن بالسلاح، بالحوار والتفاوض الموضوعي لا شك أنهم واهمون. هنالك العديد من القوى السياسية المعارضة تعتقد ان الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة من الممكن ان تقبل بالحوار والتفاوض وتجنح الى السلم. الامر اعقد من ذلك بكثير وإذا جاز لنا تعداد الصعوبات الماثلة للعيان والتى تجعل من إمكانية دخول هؤلاء من جديد الى الحظيرة الوطنية أسوة بكل السودانيين الشرفاء فإننا يمكن ان نلاحظ الآتي:
أولاً، الحركات المسلحة أو ما يسمى إجمالاً بالجبهة الثورية اختطت لنفسها نهجاً تصعب معه إعادة ادماجها في الوعاء الوطني الواحد، إذ ليس سراً ان هذه الحركات عقدت رابطاً مشبوهاً بقوى خارجية معادية، كما ليس سراً أنها بذلت وعوداً لقوى صهيونية معروفة بعدائها لشعوب المنطقة وتبحث عن موطئ قدم لها بالمنطقة لأهداف ومصالح خاصة بها.
الاكثر اسفاً ان هذه القوى المسلحة (قبضت الثمن مقدماً) وقدمت لها وعود قوية وصارت مطالبة بإتباع خط هذه القوى الدولية وتكتيكاتها وإلا فقدت كل شيء. فحركة مثل حركة عبد الواحد على سبيل المثال مرتبطة ارتباط وثيق بقوى اسرائيلية وتلقت منها دعومات باهظة.
حركة مثل الحركة الشعبية قطاع الشمال تسعى لإعادة نموذج نيفاشا وإمكانية فصل مناطق جبال النوبة والنيل الازرق وهي أمور تم الفراغ من تحديد كل متطلباتها. حركة مناوي حالياً متورطة في ليبيا، وحركة جبريل ما تزال مرتبطة بصراعات فى دولة جنوب السودان. هل من المتصور في ظل واقع مزري كهذا ان تقبل هذه الحركات الدخول في حوار شامل فى معية كافة القوى السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدني وتتخلى عن ارتباطاتها هذه بهذه السهولة؟
لا شك ان الامر لا يبدو بهذه السهولة ولهذا فإن الاعجب من كل ذلك ان يعتقد رجل مثل السيد الصادق المهدي لديه من الخبرة والتجارب ما يكفي ان هذه الحركات جادة ومسئولة وبإمكانها الدخول في حوار والوصول الى نتائج ومخرجات!
ثانياً، إذا لم يكن افتراضنا السالف ذكره صحيحاً فإن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، لم إذن ظلت هذه الحركات ترفض التفاوض مع الحكومة السودانية في عواصم خارجية، وبحضور قوى اقليمية دولية؟ بمعنى أدق، ما الفارق ما بين المفاوضات في الدوحة أو أديس والمفاوضات المراد قيامها في أديس فيما يُعرف باللقاء التحضيري؟
اذا كان المقصود الجلوس في الخارج وبحضور اطراف اجنبية فهذا متاح في منبري الدوحة وأديس تماماً، كما أتيح من قبل في نيفاشا؟ وإذا كان المقصود محاصرة الحكومة السودانية ومحاولة إزالتها تماما فهذا متاح بسهولة بالغة في الاستحقاقات الانتخابية التي ظلت تقوم في السودان وتقاطعها هذه القوى بغباء نادر ومدهش.
ثالثاً، على فرض قبول هذه القوى المسلحة بالحوار والتفاوض وفقاً لما ظلت تشترطه وتصر عليه مثل (اطلاق الحريات، اطلاق سراح المحكومين، فتح الممرات، وقف اطلاق النار) هل تملك هذه القوى المسلحة (إرادة كاملة) في العمل السياسي السلمي بالداخل المتجرد من اي ظلال خارجية مشبوهة؟ وهل تمتلك هذه القوى المسلحة ادنى مؤهلات وقابلية لقبول الديمقراطية؟ لا نود الاجابة على هذه التساؤلات ولكن من المؤكد ان الامر لو كان كذلك لكان متاحاً أمام هذه القوى المسلحة الدخول في تفاوض (ثنائي) في الدوحة وغيرها ومن ثم العودة الى الخرطوم لكي تصبح حزباً سياسياً ينشط أسوة بالآخرين في الساحة السياسية!
إذن نحن امام ألغاز وطلاسم شديدة القتامة والإظلام فحواها ان الحركات المسلحة المنضوية تحت مسمى الجبهة الثورية هي في واقع الامر احدى كبريات أزمات السودان العصية على الحل ولهذا فإن سعيها لوضع الاشتراطات والمطالبة بحوار تحضيري بالخارج إنما هو من قبيل اضاعة الوقت وتشتيت الكرة وإنهاك اللاعبين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق