الأحد، 18 أكتوبر 2015

نقاط إستراتيجية حققها الحوار الوطني!

وهكذا قطع السودان -بإرادة ابنائه الخالصة- شوطاً مقدراً للغاية على طريق تسوية نزاعاته الداخلية. الحوار الوطني الذي انطلق في العاشر من اكتوبر الجاري وضع قاطرة السلام الشامل على القضبان. ولا شك ان هناك رافضين ولا شك أيضاً ورغم كل ما تم سيكون هنالك رافضين، فالقضية السودانية في وجهها الآخر ليست قضية وطنية جادة!
فهنالك من حمل السلاح واختار الترويع والحروب لأهداف تخصه أو لطموحات شخصية إذ لا يعقل ان يكون حاملى السلاح في دارفور جميعهم ينبضون بالوطنية أو أنهم يعلمون لصالح أهلهم، فقد مضت حتى الآن سنوات طويلة قاسية والكثيرين من أهل دارفور في معسكرات النزوح، تغيرات حياتهم وطباعهم وتغير تفكيرهم ونمط حياتهم وربما لن يعود كما كان في السابق.
هنالك أيضاً من المعارضين وحملة السلاح من ربطوا أنفسهم ربطاً قوياً غير مشروع بقوى اجنبية معادية تنظر اليهم باعتبارهم وسائل لها لتحقيق اهدافها الخاصة والتى هي دون شك ضد تطلعات وآمال السودانيين. إذن مبدئياً تبدت معالم المستقبل، فقد ظهر الآن وللتوّ من هو حادب على هذا الوطن ومن هو ما يزال يأمل في ان يتقدم هذا البلد الى الأمام وظهر ايضاً للأسف من يراهن على تدميره دماراً شاملاً. ولكن رغم كل ذلك فإن بإمكاننا ان نلاحظ مؤشرات موضوعية عميقة وجادة وذات دلالة قاطعة على نجاح علمية الحوار.
أولاً، انعقاد الحوار نفسه بغض النظر عن من حضر ومن لم يحضر يعتبر في حد ذاته نجاحاً مبدئياً إذ انه يوضح بأن السودانيين على أية حال قادرين على الجلوس بإرادتهم الخاصة وعلى مائدة سودانية خاصة لحل مشاكلهم، وهو أمر قمين بلفت انتباه العالم وإعطاء الدرس للقوى الدولية التي دأبت على التدخل في الشأن السوداني ومحاولة تعكير صفو هذا البلد.
ثانياً، حتى لو لم تكتمل حلقات الحوار الوطني وتنتهي الى مخرجات وتنفذ تلك المخرجات فعلى الاقل جرت مناقشة جادة وعميقة لأمهات القضايا السودانية المحورية، وهذه النقطة جوهرية وإستراتيجية شديدة الاهمية فإلى عهد قريب لم يكن سهلاً أن يلتئم شمل السودانيين ويناقشوا قضاياهم على هذا النحو الصريح الفاعل ولهذا فإن مجرد إثراء النقاش بهذه الطريقة الحضارية الجديرة بالاحترام يحسب ضمن خانة الايجابيات.
ثالثاً، فعليات الحوار والنقاش الذي دار، أثبتت ان الحوار وليس حمل السلاح والحرب هو أفضل وسيلة للحل وهذه أيضاً ظهرت وتجلت بوضوح من خلال النقاش، فالذين لم يحضروا النقاش وفعاليات الحوار شعروا بأن حملهم للسلاح في ظل قيام حوار وطني موضوعي وشامل كهذا هو بمثابة خطا استراتيجي فادح! إذن اقل ما حققه الحوار أنه سحب البساط من تحت أقدام حملة السلاح، فالقضايا محل النقاش هي في خاتمة الطاف مجمل القضايا السودانية الاستراتيجية الكبرى فلماذا يُحمل السلاح إذن طالما ان هنالك من هو على استعداد للاستماع وتلبية رغبات حملة السلاح الوطنية؟
وهكذا فإن ما أفرزه الحوار لو أنه فقط اقتصر على هذه النتائج الثلاث الاساسية فإنه في واقع الامر حقق نجاحاً مذهلاً وتبقى بعد ذلك ضرورات تنفيذ مخرجات الحور واختبار مصداقية الأطراف، وهي أمور يمكن الجزم بأنها ماضية نحو النفاذ طالما أن الحوار سادته هذه الروح الوطنية الخالصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق