الخميس، 22 أكتوبر 2015

مخالفة صريحة ومدهشة للأعراف الدبلوماسية!

المسلك الخاطئ الذي يرقى لمستوى المخالفة القانونية الصريحة الذي ارتكبه كل من القنصل الفرنسي والقائم بأعمال السفارة البريطانية بالخرطوم بقيامهما بزيارة ضحايا اعمال العنف الشهيرة التى وقعت في العاصمة السودانية في ما عرف بأحداث سبتمبر 2013 برفقة نشطاء سودانيين معارضين ومشاركتهما مشاركة فعلية في منشط سياسي، لا يمكن اعتباره مجرد عمل دبلوماسي عادي يأتي ضمن سياق حقوقي بحال من الأحوال.
ففضلاً عن الامر كان (عملاً سياسياً معارضاً صريحاً) لا يجوز لأي شخص غير سوداني -دبلوماسياً كان أم غير دبلوماسي- المشاركة فيه، فإن العمل الدبلوماسي وفق ما هو متعارف عليه في الاعراف الدبلوماسية يقتضي احترام الدولة المضيفة، والبعد عن أي أنشطة ذات طابع سياسي قد تعكر صفو العلاقات بين الدولتين هذا من جانب؛ ومن جانب آخر فإن العمل الذي قام به الدبلوماسيان -الفرنسي والبريطاني- يعتبر حتى بمنطوق قوانينهما في دولتيهما في فرنسا وبريطانيا مخالفاً للقانون، باعتبار ان المنتمين الى السلك الدبلوماسي يحظر عليهم ممارسة انشطة سياسية خارج نطاق عملهم الدبلوماسي طالما كانوا ما يزالون في الخدمة الدبلوماسية وذلك ببساطة شديدة لأن العمل الدبلوماسي لديه خصوصية خاصة، وحساسية بالغة، ويفرض على الشخص الذي يعمل ضمن إطار هذا السلك التحلي بالانضباط الشخصي في كل شيء، ومراعاة طبيعة عمله وعدم اقحام نفسه في أمور تقدح في مهنيته.
ولهذا يظل ما حدث مثيراً للتساؤل والاستغراب ليس فقط كما قلنا ان الامر واضح الشمس، ولكن الاكثر غرابة ان البلدان اللذان ينتمي اليهما الدبلوماسيان هما بريطانيا وفرنسا، أكثر الدول الاوربية إدراكاً لطبيعة اوضاع في السودان، وأكثرهما إلماماً بهذه الحقائق البديهية.
وقد كان من الممكن اذا كان الدبلوماسيان يبديان حرصاً خاصاً من جانبهما، أو حتى من قبل حكومتيهما على الجانب الحقوقي للأمر أن يجريا الاتصالات علنية هي ممكنة وسهلة بالجهات المسئولية في الدولة سواء تمثل ذلك في وزارة العدل، باعتبارها الجهة التى تدير الملف أو وزارة الداخلية، أو وزارة الخارجية والأخيرة بطبيعة الحال هي الجهة الأولى، والأقدر على إحاطة أي جهة بما هو ضروري للإلمام بما حدث وما سيحدث.
وعلى ذلك فإن من المستحيل تماماً إيجاد مبررات من أي نوع لهذا المسلك الخاطئ. وفي الغالب فإن أي دبلوماسي مهما كانت درجته الوظيفية يتصرف على هذا النحو في البلد المضيف، فإن الشيء المعتاد أنه يصبح شخصاً غير مرغوب فيه، لأنه بهذا المسلك حشر أنفه في شأن داخلي بما يخالف تماماً مقتضيات وظيفته الدبلوماسية. ويظل الامر وعلى نحو مدهش مثيراً للاستغراب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق