الأحد، 25 أكتوبر 2015

إنهيار منطق رافضي الحوار عقب إنطلاق المشروع الوطني الكبير!

عقب انطلاق مشروع الحوار الوطني بالعاصمة السودانية الخرطوم في العاشر من اكتوبر الجاري، وقبل ان ينقضي الاجل المحدد له بـ3 أشهر، فإن نتيجة ايجابية كبيرة سرعان ما ظهرت على سطح الاحداث.
النتيجة الايجابية الاستراتيجية المهمة هنا تمثل فى ان منطق رافضي الحوار بدا ضعيفاً للغاية، إذ ان مشروع الحوار هو مشروع سياسي وطني كبير لا مجال لمقاطعته إلا من قبل الذين إما أنهم يسعون الى إزاحة السلطة القائمة بالقوة وبالاستعانة بجهات وقوى أجنبية؛ أو أنهم يريدون (اتفاقات ثنائية خاصة) تمنحهم امتيازات على غرار الاتفاقية السودانية الشهيرة (نيفاشا 2005).
انطلاق فعاليات مشروع الحوار الوطنى قضى تماماً على ادنى منطق لكل رافضي الحوار أو اشتراطات مسبقة. وذلك على النحو التالي: أولاً تجري حالياً -عبر لجان متخصصة ودون سيطرة أي طرف- مناقشات مستفيضة ومفتوحة لكافة قضايا السودان بلغت فيها درجة الشفافية والحريات ان فتحت الباب واسعاً حتى للمواطنين العاديين للاتصال بهذه اللجان بقاعة الصداقة وإبداء الرأي شفاهة أو كتابة فى القضايا المختلفة لهذه اللجان.
هذه الحرية التامة في مناقشة القضايا هي وحدها تعطي مقياساً موضوعياً لأهمية وجدوى عملية الحوار ولا يمكن لمن رفضوا الحوار ان يقللوا من أهمية هذا المناخ الديمقراطى الحر، فإذا لم تتم مناقشة قضايا السودان بهذه الطريقة الشفافة المفتوحة ومن قبل قواه السياسية والمدنية، فكيف تتم مناقشتها؟
ثانياً، سيراً على مترتبات النقطة السالفة الذكر في (أولاً) فإن عقد الحوار بالخارج كيف كان سوف يتيح للمواطنين العاديين (غير المنتمين لأي حزب) التعبير عن وجهة نظرهم ومعايشة عملية النقاش والحوار؟ ومن قال إنّ الحركات المسلحة القوى السياسية الحزبية بكل تكويناتها هي (المعبر الوحيد) عن تطلعات السودانيين؟ من أعطى هذه القوى السياسية والمسلحة -غير المنتخبة من أحد- حق إدعاء تمثيل كافة اطياف السودانيين، بحيث تضع الشروط وتفرض القواعد وتسد على الآخرين ضياء الشمس؟
ثالثاً، ما هي الميزة السياسية أو الدرجة التى بلغتها هذه القوى السياسية المسلحة حتى تظل تحتكر الآراء والمواقف لوحدها وتدعي أنها ترعى مصالح المواطنين والوطن، إذ ان المؤسف والمخجل في ذات الوقت أن الذين يشترطون حوار الخارج ويرفعون اصواتهم بهذا الطلب ويزايدون على الآخرين بالوطنية الكاذبة هم أنفسهم من (تلطخت أيديهم) بدماء الابرياء! بل أن بعضهم تسبب عمداً وعن سبق اصرار في تشريد أهلهم وذويهم والدفع بهم الى معسكرات النازحين حيث لا يزالون يعيشون بها في بؤس وألم وتعاسة؟
كيف لمن تسبب في وضع مؤلم لأهله وبني جلدته لأسباب تخص طموحاته الخاصة، ان يزايد وان يفرض شروطه وأن يستهين بشعب السودان؟
رابعاً، بعض القوى المعارضة الموجودة بالداخل سرعان ما شرعت فى الاستفادة من مناخ الحريات الذي جرى إطلاقه بالتزامن مع انشطة الحوار في مسلك لا يخلو من انتهازية ليست معهودة فى المناخ السياسي السوداني وتقاليده الراسخة، فأنت تستفيد من شيء، وترفض تبعات ذات هذا الشيء، وتسعى نحو (نور) الديمقراطية وتأبى ان تصطلي بنارها. تعشق ان يترك لك الحبل على الغارب تعقد الندوات وتسب الحاكمين، تستقطب الناس ولكنك ترفض -عمداً- دفع الاستحقاق الوطني فى مناقشة قضايا البلاد وتحمُّل نتائج الحوار ومخرجاته.
بل إن الاسوأ من كل ذلك ان بعض القوى السياسية (حركة الاصلاح الآن مثلاً) بات كل همّها هو أن تعمل على اختبار الحكومة ومدى جديتها فى إطلاق الحريات! فقررت اقامة ندوات دون الحاجة لأخذ إذن ينص عليه القانون! فهل كل الغاية من هذا الحراك السياسي هو ان تعقد الندوات لاستفزاز السلطة، أم إن الامر يتعلق بعمل وطني يحتمل فيه الجميع المسئولية؟ وكيف ستجري عملية بناء الديمقراطية اذا كان هم القوى المعارضة هو الحصول على مكاسب خاصة لها؟ لا شك ان منطق الرافضين للحوار قد انهار تماماً، وهذه في حد ذاته اشارة عميقة المعنى والدلالة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق