الأحد، 18 أكتوبر 2015

أمريكا وخطوات نحو التطبيع

غياب قسري عن القارئ في الولايات المتحدة الأمريكية التي مكثت فيها زهاء الشهر متابعاً للشأن السياسي في الخرطوم من على البعد الذي أرى من خلاله مالا أستطيع رؤيته عن قرب حيث التفاصيل الدقيقة تظهر بشكل أكثر وضوحاً كما أن النظرة لترتيب الأولويات تكون مختلفة في شأن الحلول والمعالجات للإشكالات التي تحاصرنا على كافة الأصعدة السياسية العامة والخاصة وإن كان الناس هنا لا يأملون في التطبيع السياسي والاقتصادي مع الولايات المتحدة الأمريكية في القريب العاجل إلا أنني من هناك أرى النظرة الأمريكية للسودان بشكل مختلف وأكاد أن أجزم بأن الأغلبية في الإدارة الأمريكية ينظرون إلى أن المصالح الاقتصادية تستوجب التطبيع مع السودان الدولة الواعدة الغنية بالموارد الاقتصادية المهمة وأن تأخير التطبيع فتح لأبواب أمام الصين التي تمددت في السودان وانطلقت منه إلى دول إفريقية أخرى وكذلك دول عربية ويرى المؤيدون للتطبيع أن الاستمرار في التباطؤ قد يمكن روسيا من الدخول والانتشار اقتصادياً في السودان مما قد يغلق الأبواب نهائياً أمام التطلعات الأمريكية في الاستفادة من مواردنا في المستقبل القريب وهناك صراع وشيك ما بين الديمقراطيين الذين على رأس الإدارة والجمهوريين الذين يتطلعون للحكم في انتخابات إبريل القادم حول السياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية وتحسين الاوضاع الاقتصادية للمواطن الامريكي والتي تدهورت في عهد (أوباما) نتيجة لتراكمات أخطاء إدارة الرئيس الجمهوري السابق (جورج بوش) وعموماً لا يجب أن ننظر للعلاقات السودانية فقط بل يجب تناولها ايضاً من المنظور الأمريكي المتضرر أكثر من تلك القطيعة التي استمرت لسنوات عديدة وفتحت الباب أمام الصين وروسيا للاستثمار في السودان ومن منظور بعيد عن السودان شهدت عدداً من اللقاءات مع الوفد البرلماني بقيادة البروف إبراهيم احمد عمر إبان مشاركتنا في المؤتمر الدولي لرؤساء برلمانات العالم في (نيويورك) والذي خاطبه (كي مون) الأمين العام للأمم المتحدة والذي كانت تدور محاوره النقاشية حول السلام والتنمية المستدامة في العالم حيث وجدت كلمة السودان ترحيباً كبيراً من المؤتمرين لتركيزها على دعوة الرئيس البشير للحوار الوطني الشامل من أجل وقف الحرب واحلال السلام والتنمية المستدامة باعتبارنا أول دولة في العالم الثالث تطرح فكرة حوار جامع لمعالجة كافة اشكالاتها وبمشاركة كافة المعارضين وبالرغم من أن الوفد السوداني لم يحظ بلقاءات مباشرة مع الإدارة الأمريكية إلا أن اللقاء في الخارجية كان ايجابياً وخطوة في اتجاه التفاهمات نحو التطبيع ولكن اللقاء المهم من وجهة نظري ذلك الذي انعقد في معهد (Atlantic council) بحضور عددمن المهتمين بالشأن السوداني والإفريقي تحدث فيه (البروف) رئيس البرلمان عن إحلال السلام في السودان عبر الحوار وتساءل عن الأسباب التي جعلت أمريكا معادية لنظام الحكم في السودانبرغم الاصلاحات السياسية والدعوة للحوار ومحاربة كل أشكال التطرف والارهاب ولقد وجد ذلك الحديث ترحيباً من ممثلي أكثر من عشر منظمات أمريكية حضرت اللقاء الذي رتبه بدقة ونجاح سفيرنا في واشنطن (معاوية عثمان) وعموماً أن الطريق للتطبيع مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس بالعسير في وجود الرغبة من الطرفين ونحن على طريق الحوار الوطني الناجح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق