الاثنين، 19 أكتوبر 2015

قطاع الشمال.. إعدام الآراء والمواقف قمعاً حتى الموت!

لا يكف كل من مالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو عن الحديث عن الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان. ومن لا يعرف هذا الثلاثي ذو السجل الحافل بالغرائب والعجائب والمتناقضات يساوره الاعتقاد أنهم من مصاف الحقوقيين الذين يتسق سلوكهم الشخصي وثقافتهم ورؤاهم مع آرائهم السياسية التي يطلقونها من حين لآخر وأشعلوا بسببها الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
هو ثلاثي لا يدري احد كيف نجح في استمالة الممولين الدوليين الذين يغدقون عليهم الدعم والمال والمواقف. صحيح إن بعض هؤلاء الممولين إن لم يكن جميعهم يتعاملون معهم من منطلق أنهم (استثمار طويل الأجل) على اعتبار أنهم (جنود مخلصون) لا يعصون رعاتهم ومموليهم في المستقبل وسيكون سهلاً (تمرير) أي مصالح مهما كانت فداحتها لو قدر لهم أن يكونوا في يوم ما في موقع المسئولية.
وصحيح أيضاً أن بعض القوى الدولية لا همَ لها سوى انتقاء بعض الأشخاص الذين يعتقد أنهم يؤمنون بالمصالح الدولية ولا يلقون بالاً لوازعهم الوطني ولا شأن لهم بالضمير الوطني والاستثمار فيهم لصالح المستقبل. ولكن ومع كل ذلك فإن مثل هذه الانتقاءات تتطلب مواصفات وشروط ولو في حدها الأدنى، الأمر الذي من المؤكد انه غير متوفر ولو نظرياً في هذا الثلاثي العجيب.
ودعونا في هذه العجالة نأخذ مثالاً صغيراً ربما بدا (عادياً) لمن يعرفون طريقة هذا الثلاثي في إدارة الحركة الشعبية قطاع الشمال ولكنه مثال شديد الأهمية في سياق قراءة رؤى ومواقف هؤلاء الذين يخادعون الناس بأكاذيب الحرية والديمقراطية.
ففي صبيحة يوم الاثنين الثامن والعشرين من سبتمبر 2015 وعند السادسة النصف صباحاً لفظ المدعو محمد كمال الدين النور آخر أنفاسه، لافظاً معها زفرات وربما آهات وآلام مكتومة وودع الدنيا على فراش مستشفى القديل بمدينة كادوقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان . الشاب المتوفي لم يكن شخصاً عادياً، كان قيادياً بارزاً بالحركة الشعبية قطاع الشمال، وشغل قبل الحرب الأخيرة معتمداً لمحلية تولدي حتى 6/6/2011 حين أطلق القطاع رصاصة الحرب والتمرد.
وكان المتوفي قد تم إدخاله مستشفى القديل بكادوقلي، بعد أن تلقي صنوفاً وسلسلة مطولة من التعذيب غير المحتمل في معتقلات قطاع الشمال على خلفية شكوك حامت حوله بوجود إتصالات بينه وبين الحكومة السودانية وإعتزامه العودة وتسليم نفسه.
المؤلم في هذا الأمر أن قطاع الشمال لم يجد أدنى دليل على شكوكه بدليل أنه وبعد كل ما تلقاه من تعذيب أطلق سراحه! أما الأكثر إيلاماً فهو أن الرجل -وكونه قيادياً مرموقاً- كان من حقه أن يعود ويترك الحرب فقد فعلها وما يزال يفعلها المئات، من منسوبي وجنود وضباط القطاع كل يوم، فهو موقف ورأي إذا كان قادة القطاع (يحترمون) حقوق الإنسان وحريته ورأيه كما يطالبون بها الآن في كل محفل وسانحة!
أما الأكثر مدعاة للألم المضاعف، فإن إطلاق سراح محمد كمال الدين لم يكن سوى (تمويه) و (إخلاء للمسئولية) إذ فيما يبدو أن الرجل (أُعطي شيء ما) حتى يسري هذا (الشيء) ببطء وعلى مراحل وتنتهي حياته بعيداً عن معسكرات القطاع وهو ما حدث فعلاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق