الاثنين، 19 أكتوبر 2015

عقار يستغيث!

لم يعد بوسع الجبهة الثورية أن تخفي خلافاتها داخل أوعيتها التنظيمية، وهي أوعية بها كثير من الثقوب التي من خلالها تتسرب المعلومات. الخلافات أمر طبيعي في التنظيم السياسي الواحد، دعك من الكيانات ذات الطبيعة التحالفية، لمجموعات من منطلقات سياسية وجهوية متعددة، ومشرب فكرية متنوعة، ومع وسائط التواصل الاجتماعي وقروبات الواتساب، ضاقت مساحة الاسرار، فلم يعد بإمكان أية جهة أن تحتفظ بمعلوماتها الخاصة ذات الطبيعة الخلافية داخل أضابيرها التنظيمية.
البيان الذي أصدره مالك عقار مذيل بصفة رئيس الجبهة الثورية، وكشف أكثر مما كان متاحاً، ووثق كثيراً من المعلومات التي كانت تصف شائعات تقبل التكذيب والتشكيك، البيان اوضح ضعف مقدرات عقار السياسية، اذ كان بإمكانه أن يعبر عن ذات الافكار والأراء بصورة تتيح له هامش حركة لتدارك الوضع ومنعه من التدهور اكثر، أو ربما أن الخلاف بلغ من الحدة ما فاق مقدرة عقار على ضبط خطابه. عقار قدم اعترافاً – بغير لبس – بأن الحركة التي يراسها قد انقسمت على نفسها لكتلتين، واعتبر ذلك واقع حال يصعب انكاره لم يكتف عقار بذلك الاعتراف الجهير، ولكن مضى في اتجاه استجداء القوى الاقليمية والدولية، التي وصفها بالحريصة على وحدة الجبهة، بأن تتدخل لحل الخلافات!
هذا الاستجداء الذي يعبر عن العجز وعدم المقدرة على تدارك الاوضاع، يوضح طبيعة النفسية التي تعتمد في كل امرها على الاجانب في التفاوض مع الحكومة، وحتى في الحوار في ما بينها، صحيح أن نقل خلافات الجبهة الثورية حول الرئاسة إلى العلن يعد طوراً جديداً في الخلافات، كما ذكر عقار في بيانه، وفي مثل هذه الصراعات الانتقال الى العلن يجعل قضايا الخلاف غير قابلة للاحتواء السريع، لأنها ستصبح خاضعة للمزايدات الاعلامية وكل طرف سيسعى للانتصار لنفسه. الغريب والمدهش في الصراع على مقعد رئاسة الجبهة الثورية انحياز التوم هجو القطب الاتحادي المعروف لجانب حركات دارفور، وهو الرجل المعروف بولائه لمالك عقار، حيث كان هجو يشغل موقع مسؤول الملف الديني بحكومة النيل الازرق، قبل التمرد الاخير، وهو من المقربين لعقار في كل المراحل، ولكن من الواضح أن حسابات هجو تغيرت لأسباب ستتكشف قريباً للرأي العام، مع تداعي الصراع.
كل ما يهم عقار من خلال بيانه الأخير في الحد الأدنى الحفاظ على وحدة الجبهة الثورية إلى اجتماع 2 نوفمبر القادم مع الآلية الافريقية رفيعة المستوى بأديس أبابا، لأن انقسامات الجبهة ستضعف وضعيتها التفاوضية وستقوي وضع الحكومة ليس من المستبعد أن يضطر مالك عقار تحت ضغط الجهات الاقليمية والدولية التي استنصر بها للتنازل عن منصبه رغبة منه في الحفاظ على وحدة الجبهة المتصدعة.
أهم ما في الخلاف الأخير، أنه كشف طبيعة الذهنية السياسية المعارضة الحريصة على التمسك بالسلطة أو السيطرة عليها، مهما كلف ذلك من خسائر في سبيل الحصول على سلطة محدودة على مقعد المعارضة لا الحكم!
الواضح للعيان الآن، ان الذين يختلفون على رئاسة معارضة مسلحة اليوم، بكل تأكيد سيقتتلون غداً على مقاعد الحكم ألم يقل عقار من قبل (لن نهز الشجرة ليأكل ثمارها آخرون)؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق