الأحد، 25 أكتوبر 2015

سوء النية مع عدم الخبرة الصحفية!

أغرب ما في الخطأ الفادح الي ارتكبه الناشط وليد الحسين بشأن وثيقة سعودية قام بنشرها على موقع الراكوبة أفضت الى قيام السلطات الامنية السعودية باعتقاله، أنّ الوثيقة موضوع الحادثة حتى ولو لم يقم الناشط بتزويرها وفبركتها هو شخصياً فقد كان من السهل عليه –طالما أنه يدعي انه صحفي ولديه الخبرة الصحفية والإعلامية الكافية– أن يدرك مدى استحالة ان تكون وثيقة كهذه وثيقة صحيحة وحقيقية.
بل كان من الممكن للناشط وليد اذ لم يستطع إدراك ذلك، ان يستعين بخبراء في هذا المجال، حيث كان بإمكان أدناهم خبرة ان يؤكد له ان هذه الوثيقة لا علاقة بها بحال من الاحوال بأي جهاز مخابرات في الدنيا فالوثيقة:
أولاً، تمت صياغتها صياغة لا صلة لها البتة بالوثائق الاستخبارية، ففي مثل هذه الوثائق لا يتحدث أي جهاز مخابرات عن نفسه وعن ما سبق أن حققه من قبل!
ثانياً، أي وثيقة كهذه يتم رفعها الى جهة سيادية رفيعة لا تكتب بهذا القدر المبتذل من الركاكة والأخطاء الاملائية القاتلة. أجهزة المخابرات في كل الدنيا تتمتع بأقصى درجات  الحصافة والصياغة الجيدة، والعبارات ذات الدلالات القوية وبلغة رفيعة، ومما يؤسف له في هذا الصدد ان الناشط وليد كانت لديه نماذج لتسريبات ويكيلكس الشهيرة فإن كان لا بد من الفبركة فقد كانت أمامه النماذج!
ثالثاً، كان من المحتم -سواء صحت الوثيقة أم لم تصح- ان تقوم السلطات السعودية عقب نشر الوثيقة مباشرة بملاحقة ناشرها واعتقاله اذ بصرف النظر عن محتوى الوثيقة ومدى صحته فإن أي جهاز مخابرات محترم لا يتهاون في أمور كهذه تصل الى درجة الزعم أن وثائقاً تخصه منشورة على الملأ، ومتاحة للجميع، وهذا خطأ اكثر فداحة لأنه يدل على ان ناشر الوثيقة يستهين كل الاستهانة بالملعب الذي قرر أن يلعب فيه لعبته الخطرة المدمرة.
رابعاً، محتوى الوثيقة نفسه -على فرض صحتها- لا يخدم أي قضية قومية في إطارها العربي والإسلامي، ولا أي قضية وطنية فى إطارها الوطني السوداني، إذ ما الفائدة المرجوة من زعزعة علاقات السودان بمحيطه العربي وهو يواجه خطراً ضمن هذا المحيط؟ ما الشيء الذي يمكن القول إن الناشط وليد -والذين معه في ذات السياق- سوف يجنيه من وراء اشاعة مناخ من البلبلة في المنطقة في ظل هذه الحرب القائمة، وحتى ولو قلنا ان العلاقات بين الخرطوم والرياض ساءت بسبب وثيقته الكذوبة هذه؛ هل هذا يخدم القضية الوطنية أو القومية في شيء؟
من المؤكد إن الرجل لم يتوفر على اجراء الحسابات المطلوبة بشأن ما أقدم عليه، ومن المؤكد أن الوقت الوحيد الذي أتيح فيه للرجل التفكير في عواقب فعلته هو الوقت الحالي الذي يعتبر في العادة وقت، ما بعد فوات الاوان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق