الأربعاء، 29 مارس 2017

حتى سطور التاريخ لم تعد تحتملهم!

مجمل القوى المعارضة في السودان الآن في هذه اللحظة التاريخية الفارقة من عمر هذه البلد المثخن بالجراح إما أنها تلاشت وأصبحت محض مسميات تاريخية (قوى الاجماع، قوى المستقبل) أو أنها في الطور الذي يسبق التلاشي بدرجات معدودة
(الحركة الشعبية قطاع الشمال، حركات دارفور)، أو أنها لا تملك مستقبلاً يؤب لهل مثل الحزب الشيوعي السوداني على وجه الخصوص.
 الأسباب التى قادت إلى هذا الوضع معروفة والمجال لا يتسع لتعدادها ولكن إجمالاً هي قوى فقدت القدرة على مواكبة متغيرات الساحة السودانية كما تجمدت أطرافها ومفاصلها في منطقة تاريخية قديمة وبالية، صحيح قد يدعي البعض ان الحزب الحاكم بوسائله الخاصة عمل على إضعافها ولكن هذه المقولة -التى هي في الواقع تمنح الحزب الحاكم قدرة خرافية- لا تصمد عقلاً ولا منطقاً من عدة وجوده:
 فمن وجه أول فإن اي حزب او قوة سياسية قابل للانكسار والضعف والتلاشي هو حزب لا يستحق الاحترام علاوة على انه لا يملك قاعدة جماهيرية. وهو محض قادة طال بهم الجلوس على مقاعد القيادة، ينتظرون ان يمنحهم التاريخ عبر معجزة او مصادفة فرصة التمجيد وشرف النضال ولكن طال انتظارهم و ليلهم لا يزال طويلاً و بهيماً، وهذه مردها إلى ان المتغيرات قد طالت المجتمع السوداني والساحة السودانية. الأدوات التقليدية الصدئة القديمة لم تعد مناسبة. شريحة المخاطبين برؤى هذه القوى تلاشت، الواقع نفسه لم يعد يحتمل تلك الرؤى القديمة المتحجرة. 
ومن وجه ثاني فإن حركة مسلحة مثل الحركة الشعبية  قطاع الشمال لا تتعظ بالتجارب ولا تتأسى بالعبر والدروس -وأمامها كالشمس المصير المفجع للحركة الأُم- هي حركة لا تستحق الاحترام قط، ومن العجيب ان البعض لا يزال يراهن على قدراتها السياسية والعسكرية والأعجب -كما قال السيد الصادق المهدي صاحب الرؤى و الآراء العجيبة- ان يعتقد عاقل ان من الأفضل ان تتماسك وتقوى!
 كيف تتماسك حركة مسلحة وتقوى و تتوحد و بذورها الأولى بذور عنصرية عريقة؟ وخضعت لأجهزة استخبارية أجنبية! وارتضت -في ذل وهوان سياسي نادر- أن تقبل (الأوامر والتعليمات العسكرية) من دول أجنبية؟
 ومن وجه ثالث، فإن الطريقة المؤسفة التى نظرت عبرها القوى السودانية المعارضة لمجمل الأوضاع في السودان، مفارقة للموضوعية تماماً، فهي تريد إسقاط النظام، كيف؟ لا أحد يدري جربت كل ما هو مشروع وغير مشروع طوال أكثر من 25 عاماً وفشلت فشلاً مجلجلاً ومع ذلك ما تزال تريد إسقاط النظام!
 حسناً ثم ماذا بعد إسقاط النظام؟ لا أحد –بمن في ذلك هم أنفسهم – يعلم! ذلك إن هذه القوى هي نفسها على نطاق تحالفاتها لم تحتمل بعضها. حتى القوى الواحدة او الحركة الواحدة متباينة متشاكسة! إذن كيف تتوقع ان يتقبلها الشارع السوداني؟ ومن هو الشارع السوداني؟ شارع حاد الذكاء مرهف الحس السياسي، يفرق بسرعة البرق بين الغث والسمين، الصحيح والسقيم!
 للأسف الشديد حتى هذه اللحظة لا تدرك قوى المعارضة السودانية أزمتها وسوء قراءتها وغياب رؤيتها حيال السودان، لذا من الطبيعي ان تضعف باضطراد، وتتلاشى بمتوالية سريعة وتغيب في الأفق العريض للدرجة التى معها حتى سطور التاريخ تأنف أن تذكرها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق