الثلاثاء، 21 مارس 2017

بركان الشعبية.. توقيت وأهداف غامضة..!

التفسير الغالب عندي – وبالطبع قد يكون راجحاً عند آخرين - يشير إلى أن الجنرال عبد العزيز الحلو، يبدو كمن أراد أن يقطع الطريق على تحوُّل كبير، كانت تخطط له الحركة الشعبية، ولذلك سارع بإعلان استقالته بصورة مفاجئة، مع أن مسببات تلك الاستقالة وأسبابها، ظلت قائمة منذ أكثر من أربعة أعوام. فلماذا تخيّر الحلو هذا التوقيت ليحرر شهادة المغادرة والاستئذان بالانصراف؟
هذا السؤال، يحيلنا إلى شئين، هما البعد الدولي والشأن التنظيمي الداخلي للحركة الشعبية. ومعلوم أن ثمة متغيرات إقليمية ودولية كثيرة طرأت على المشهد السياسي والقتالي والتفاوضي في السودان، ابتداءً بالانفراجة المنظورة في علاقات الخرطوم مع الأسرة الدولية، ومروراً برغبة المجتمع الدولي لإرساء السلام في جنوب السودان، وبالطبع منطقتا النيل الأزرق وجنوب كردفان، انتهاءً بالتدخل الحميد للرئيس اليوغندي يوري موسفيني في الشأن السوداني، والذي أسهم في تبادل الأسرى بين الحكومة والحركات المسلحة. وكل هذا يدعم الفرضية القائلة بوجود روابط بين التوقيت الذي تخيّره عبد العزيز الحلو للدفع باستقالته وبين البعد الخارجي الداعم لخط التسوية وإنهاء الأزمة السودانية. ما يشي بأن الرجل تعمّد تشتيت الكورة في شوط اللعب الثاني، وهي حصة زمنية تظهر فيها عبقرية وبراعة المدربين وواضعي الخطط.
أما على المستوى التنظيمي، فإن استقالة الحلو تبدو وثيقة الصلة بالمفاجأة التي كان قد بشّر بها الناطق باسم ملف السلام في الحركة الشعبية مبارك أردول، والذي قال إن الحركة تخطط – بعد إنجاز ملف الأسرى – لإطلاق مفاجأة تعد الأبرز والأهم في العام 2017م.
وظني أن الروابط الواصلة بين استقالة الحلو والبشارة التي تحدث عنها "أردول"، تكمن في طردية العلاقة بينهما. وبالتالي، فكلما زادت قيمة المفاجأة، ارتفعت احتمالية أن تكون استقالة الحلو هي مطب صناعي أو عقبة مفتعلة، لتعويق وتعطيل تلك المفاجأة.
صحيح أن مبارك أردول نفسه خرج إلى الناس، بتعليق يشير إلى أن المفاجأة التي عنتها الحركة، تتمثل في معلومات مثيرة أدلى بها بعض الأسرى الحكوميين لدى الحركة، بخصوص تجنيد الأجانب للقتال في صوف القوات الحكومية، وخاصة من تنظيم بوكو حرام. لكن تعليق أردول وتصريحه المقتضب لم يجد التصديق المطلوب عند الكثرة الكاثرة من المراقبين. بل إن التحليلات تعامت عن رؤية إفادة وتعليق أردول، وروّجت أن تلك المفاجأة ذات علاقة بالملف التفاوضي أو ملف السلام.
وعليه فمن الراجح – جداً – أن يكون الحلو قد شعر بأن ما تخطط له الحركة ربما يأتي خصماً على قضية جبال النوبة، وبناء على ذلك قام بتعلية مطالب أهل جبال النوبة، وذلك بالحديث عن ضرورة منح الجبال حق تقرير المصير، أسوة بما حدث لجنوب السودان. بل إن الحلو ذهب إلى أبعد من ذلك وشدَّد على ضرورة عدم حل الجيش الشعبي إلا بعد عشرين عاماً، من أي اتفاق يتم إبرامه مع الحكومة. وذلك في خطوة فُهم منها أن الحلو أراد أن يعيد إنتاج نفسه أمام أهل جبال النوبة في صورة الحادب على مستقبلهم والحريص على شأنهم، وهو المتهم عند أكثريتهم بحرمان جبال النوبة من فرصة حق تقرير المصير في برتكول مشاكوس الذي منح جنوب السودان ذات الحق.
الآن توشك الحركة الشعبية أن تعود إلى ديباجة التأسيس القبلي، بسبب المطالب التي سوّق لها الحلو، وتكاد عجلة المفاوضات أن تغرق في وحل الشروط العسيرة أو المستحيلة التي نادى بها الرجل. فمن يا ترى سيكسب الجولة؟ عقار وعرمان اللذان سيجدان نفسيهما مواجهين بمطالب جديدة، شرْعن لها الحلو، وباركها مجلس تحرير جبال النوبة؟ أم عبد العزيز الحلو الذي أوشك أن يحترق ويتفحّم بعدما دفع باستقالة أشبه بحزام ناسف، سيؤثر عليه بذات درجة تأثيره في المستهدفين بالتفجير الانتحاري؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق