الخميس، 18 أغسطس 2016

الحزب الشيوعي السوداني.. مائةُ خوفٍ من العزلة!

بتداعيات وأحداث مصاحبة غطت على أحدث الأساسي، أنهى الحزب الشيوعي مؤتمره السادس وأجاز ما أجاز من قرارات وانتخب من انتخب لعضوية اللجنة المركزية وسكرتيرها العام. المؤتمر السادس لم يكن ناجحاً في ظل هذه المعطيات وهذه أمور
لا جدوى من بحثها أو الغوص فيها عميقاً فقد تأكد على أية حال، أن الحزب ليس أبداً على ما يرام وأنه لن يمر وقت طويل حتى تتسبب هذه التداعيات في إنهيار الحزب. فلسنا مبالغين ولا مغالين إذا استدعينا مقارنة ما حدث في مطلع تسعينات القرن الماضي على  يد الرئيس غورباتشوف، وما آلت اليه النظرية بكاملها على نطاق العالم، واتخذت موقعها في متحف التاريخ!
 فقط ما يهمنا في هذا الصدد، أن الحزب الشيوعي السوداني المنشغل بالأجزاء الحيوية العليلة من جسده الواهن بات يواجه مأزقاً إضافياً أشد مضاضة وهو مأزق بقاؤه -غير المبرر موضوعياً- خارج الإطار الوطني العام!
 سوء حظ الحزب وفداحة طالعه السياسي جعله ابعد ما يكون عن الهم الوطني العام ومشروع الحوار الوطني ويعقد جمعيته العمومية عشية السبت 6/8/2016م بقاعة الصداقة بالعاصمة الخرطوم ويقرر الاجتماع رسمياً العاشر من اكتوبر -أي بعد اقل من شهرين- موعداً لانعقاد جلسة الحوار وإطلاق المخرجات والتوصيات! ومن المؤكد ان هذا الحدث سوف يسبقه التحاق قوى نداء السودان -وفق خارطة الطريق- ويتم تتويج كل هذا الحراك بوثيقة وطنية الغائب الأكبر فيها الحزب الشيوعي السوداني الذي يركز على خيار الانتفاضة الشعبية وإسقاط النظام! الخطأ المنهجي الرئيسي للحزب الشيوعي في مسلكه هذا يمكن أن نقرأه في عدة نقاط رئيسية واضحة.
أولاً/ الحزب –حتى مع ضآلة وزنه السياسي والجماهيري– ومع فقدانه لتماسكه الداخلي على نحو واضح واستحالة استعادة شبابه المنزوي عزل نفسه عن الحراك الوطني مستهيناً بالإرادة الوطنية العامة وهذا موقف لا يمكن اعتباره موقفاً سياسياً واقعياً وجاداً. لقد انقضت ضمن المغيرات الكبيرة في حركة السياسة في السودان أوهام الحركة الجماهيرية والطبقة العاملة والمسميات العتيقة التى لم تبارح مخيلة أهرامات الحزب التاريخيين، وأجداد الحزب القدماء!
 ثانياً، كيف سيتعامل الحزب الشيوعي مع بقية المكونات السياسية حال إفضاء مشروع الحوار لوفاق وطني عام يؤسس لدستور دائم، وبنيان جديد لدولة السودان؟ هل سيمارس الحزب معارضته للإرادة الوطنية ويسبح ضد تيارها، ويظل ينادي بإسقاط الإرادة الوطنية؟
ثالثاً، من هم إذن -الحلفاء المحتَملين- للحزب الشيوعي في المرحلة المقبلة، وهو الآن ليس ضد الجميع فحسب، بل هو ضد بعض من كيانه التنظيمي نفسه؟ مجمل القول إن الحزب الشيوعي السوداني في راهنه الحالي يعبر عن نموذج المفارقة والمكابرة غير المجدية ما بين الواقع وفرضياته، وما بين الأماني السياسية السهلة الملقاة على قارعة الطريق، وما بين العجز على التواجد ضمن حركة التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق