الأحد، 14 أغسطس 2016

الحركة الشعبية في مأزق

يبدو أن الضغوط الشديدة التي مورست على الحركة الشعبية من قبل الأسرة الدولية، ألقت بظلال سالبة علي كابينة إنتاج الأفكار لدى قادتها، ذلك أن المطالب التي تدفع بها الحركة في إطار التاكتيك التفاوضي الحالي، تبدو مرتبكة وليست ذات فعالية
. بل أن بعضها يمكن أن يجر الحركة إلي مربعات الخسارة الآنية أو اللاحقة ..!
فمن ينظر إلي موقف الحركة الشعبية سيجد أنها تمنعت عن توقيع خارطة الطريق، حينما كانت في موقف قوي، قبل أن تأتي وتمهر تلك الوثيقة مجبرة، الأمر الذي جعل المؤتمر الوطني يكسب العديد من النقاط بل ويحصد رضا الأسرة الدولية والإقليمية.
الآن تبدو الحركة الشعبية في موقف محرج بعدما خرجت للناس بمطالب تدعو إلى حل قوات الدعم السريع. وظني أن هذا الموقف يكشف عن قصر نطر في التفكير التفاوضي، ذلك أن هذا المطلب- تحديداً- سيجعل الحركة الشعبية في مواجهة مجددة مع المجتمع الدولي..!
الشاهد، أن هذا المطلب كان يمكن أن ينال دعم الأسرة الدولية، لو أن قوات الدعم السريع مازالت تقوم بذات الأدوار التي أنشئت من أجلها، أو أنها مازالت تجوب دارفور، وبعضاً من تخوم جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي تتزيا بعلامة الحرب. ولكنها تنشط حالياً في ميادين غير التي كونت من أجلها. وربما لهذا لن يجد مطلب الحركة الشعبية بحل تلك القوات، المساندة المطلوبة من أصدقاء الحركة في المجتمع الدولي، على اعتبار أن الحكومة تمكنت بذكاء لا يخلو من تفكير "براغماتي"، من شراء رضا المجتمع الدولي تجاه تلك القوات. وذلك بعدما انتدبتها لتمشيط حدود السودان، بحث تمنع تسلل المهجرين إلى أوربا.
وكلكم تعلمون أن الرجل الأبيض في عموم دول الغرب بلغ مبلغاً حساساً تجاه قضايا الهجرة وتهريب البشر. لدرجة أن المجتمع الدولي لم يعد يخفي رهانه على الحكومة الحالية في إنهاء أو تقليل تلك الظواهر. وكلكم تعلمون أيضاً أن الحكومة فطنت لذلك وسارعت إلى توقيع خارطة الطريق، بحيث تقوم بتوريط قوى نداء السودان مع المجتمع الدولي. وهذا ما حدث تفصيلاً.
الثابت، أن المؤتمر الوطني سيرفض مقترح حل قوات الدعم السريع، ويسجد مساندة من المجتمع الإقليمي والدولي، الذي يبدو منشرحاً لجهود تلك القوات في المساهمة في وقف الهجرات غير الشرعية إلى أوربا. ويكفي هنا أن ننظر إلى الآلة الإعلامية الحكومية لنجد أنها منصبة بشكل كبير جداً، على إبراز ونشر أخبار وضبطيات تهريب البشر التي طرفها قوات الدعم السريع.
وبناء على ذلك ربما تخسر الحركة الشعبية واحدة من المعارك التفاوضية، ذلك أن قوات الدعم السريع تحصّنت – نوعاً ما- برضا اليانكي والرجل الأبيض. وإذا أصرت الحركة على هذا المطلب سيزداد عليها الضغط وستخضع في خاتمة المطاف إلى التراجع عنه، وهنا ستظهر الخسارة المعنوية.
قطعاً سيقول المؤتمر الوطني أن قوات الدعم السريع أضحت جزءاً من الواقع السياسي والأمني في السودان، وسوف يتمسك بأنها تتحرك وفقاً لغطاء دستوري، اتفق الناس حول ذلك الدستور أم اختلفوا.
قناعتي أنه لو ثبت أن قوات الدعم السريع أسوأ تشكيل مسلح في تاريخ البشرية، فلن تكون جزءاً من ملفات التسوية، إلا في إطار كلي، ببساطة لأنها تنشط في وقف الهجرات والجريمة عابرة الحدود وتلك مهام تجد المباركة المطلقة من الأسرة الدولية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق