الأحد، 14 أغسطس 2016

واشنطن تعترف بأنها جزء من الأزمة في السودان!

لم يكن السودان، هذا القطر الأكثر ظلماً والأعلى ضرراً من السياسة الامريكية الغاشمة غير المسنودة برؤية موضوعية التى ظلت تشكل طوقاً حديدياً على رقبته. ولم يكن يستحق أخطاء وخطايا واشنطن التى ما فتأت في كل يوم تتكشف أبعادها وفي
الوقت نفسه تكابر واشنطن -بعنجهية لا تحتاج لدليل- في الاعتراف بها ومحاولة التراجع عنها.
تحت عنوان (تكلفة التعصب التبشيري قصير النظر في السودان) أورد موقع (أبنيون) الأمريكي، وهو كما معروف موقع سياسي متخصص في السياسة الخارجية الامريكية، مقالاً صحفياً مؤثر وملفت حقاً للإنتباه. المقال بقلم كاتب صحفي أمريكي معروف يدعى (ستيفن كينزر) تم نشره على الموقع بتاريخ 24 يوليو 2016.
 المقال تناول بشفافية ومباشرة ما كان يشاع من أن الحرب بين السودان وجنوب السودان والتى انقضت بإنفصال الجنوب وقيام دولة جنوبية منفصلة، وهي حرب بين الإسلام والمسيحية! يقول الكاتب إن الإدارة الامريكية ظلت تساير وتستمع لآراء مجموعة من ممثلي السينما والمسيحيين الأصوليين الذين قادوها لهذا الاعتقاد، الخاطئ، ويضيف الكاتب إن النتيجة كانت الكارثة الانسانية الحالية في دولة الجنوب.
 وينتقد الكاتب انصياع كبار المسئولين الأمريكيين لآراء هؤلاء النجوم وغلاة المسيحيين المتعصبين في الولايات المتحدة والذي أفضى لقيام الدولة الجنوبية وكيف كان هؤلاء المسئولين (في غاية الابتهاج) في حفل انفصال الجنوب وقيام الدولة، في الوقت الذي كان فيه المبعوث الأمريكي الخاص في ذلك الوقت (سكوت غرايشون) يحذرهم بلهجة صارمة من احتمالات فشل الدولة الجديد. وأعاد الكاتب تذكير (غرايشون) لهؤلاء المسئولين بمقولة شهيرة تم توثيقها إعلامياً في ذلكم اليوم وحين قال (هذا المكان سيحترق غداً)!
الكاتب أوضح خطأ استناد الإدارة الامريكية وتبريرها في فصل الدولة الجنوبية على التبشيريين! ويضيف (أمريكا في جنوب السودان سببت الفوضى بسبب (جرعة زائدة من الحماس والتعصب التبشيري)! وأن الجهل بالأوضاع على الأرض -من قبل واشنطن- خلق الأزمة الانسانية في جنوب السودان، نتيجة لقرارات وحشية من قبل لوردات الحرب الأمريكيين! يشير الكاتب تحديداً في هذا الصدد إلى القس الأمريكي الشهير (فرانكلين جراهام ) الذي قادة حملة شعواء قال فيها إن الحرب الأهلية بين السودان وجنوبه حرب اضطهادية بين العرب المسلمين والمسيحيين، ثم يشير إلى النجم الأمريكي (جورج كولوني) الذي تولى وعلى نطاق واسع قضية فصل الجنوب.
وقدم كلوني -كما يقول الكاتب- شهادة رسمية أمام الكونغرس بهذه المزاعم. ويصف المقال الإدارة الامريكية بقصر النظر لأن انفصال الجنوب لن ولم يخدم الأمن القومي الأمريكي ولا مصالح الولايات المتحدة!
ولا شك أن هذا المقال (المتأخر جدا) ولكن أفضل على أية حال من ألا يأتي أبداً، يكشف بوضوح جهل صناع القرار في واشنطن ليس فقط بأوضاع العالم من حولهم ولكن حتى مصالح بلادهم القومية، ولهذا فإن هذا الاعتراف النادر من كاتب أمريكي معروف في صحيفة الكترونية مؤثرة يجب استخلاص مبدأ استراتيجي محوري منه، وهو أن الولايات المتحدة في خضم الحراك الدولي في العالم كله، عنصر مخرِّب وليس بحال من الأحوال عنصراً ايجابياً مفيداً. واشنطن دائماً هي جزء من الأزمة حين تظن أنها جزء من الحل !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق