الأحد، 14 أغسطس 2016

تناقضات عرمان بلسانه هو!

على الرغم من أن القوى التى تطلق على نفسها (قوة نداء السودان) قد وافقت مؤخراً -بضغوط دولية أو بدونها- على خارطة الطريق التى طرحها الوسيط الإفريقي أمبيكي، ولم تعد تملك بعد هذا الموقف خيارات بديل يُؤبه لها أو مساحة جيدة للمناورة،
فإن من المهم لاغراض قراءة مسلك هذه القوى والوقوف على تناقضاها، أن نعيد قراءة مواقفها منذ أن تم طرح خارطة الطريق إلى أن عادت لقبول الخارطة.
 الأمر هنا بطبيعة الحال ليس لأغراض التسلية، ولكن من المؤكد انه يكشف ولو جزء يسير من سيل من التناقضات التى تدل على خواء جعبتها من أي رؤى موضوعية. ففي مارس 2016 على سبيل المثال قال الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال عرمان، إن توقيع الوساطة الإفريقية على خارطة الطريق (عمل فريد وغير محترم)! وأن سلوك الوساطة الإفريقية هذا (عبارة عن خطة حكومية لإلحاق أربع قوى بالحوار الوطني الذي تديره الحكومة وأن (من المستحيل) أن توقع قوى نداء السودان على الخارطة)!
أنظر هنا كيف كان عرمان يتحدث ويؤكد استحالة توقيعهم على الخارطة! في محفل آخر بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا وتحديداً في شهر يونيو 2016 أعاد عرمان تأكيداته (القاطعة) بعدم التوقيع على الخارطة مردداً ذات الأسباب التى ساقها في مارس 2016 وزاد عليها (لن نشارك في الحوار ولو استمر لـ100 عام)! ثم زاد (نحنا خلفنا 5 سنوات من الحوار والشهداء والجرحى والنازحين ولن نحاور النظام (إنما سنسقطه بالضربة القاضية)!
 عرمان هنا خطى خطوة اكبر، فهو لم يكتف بالرفض وإنما أعاد التذكير بالشهداء والجرحى ثم أكد على إسقاط النظام (بالضربة القاضية) والطبع لم يكن مدهشاً أن يظل عرمان يؤكد على الرفض وأن وسيلتهم للحل هي إسقاط النظام بالضربة القاضية التى يريدونها. المدهش أن الرجل نفسه -بذات ملامحه وتقاطيع وجهه- عاد ليوقع على الخارطة ليس بناء على أسباب ومبررات وطنية -ولو لمرة واحدة في مسيرة هذا السياسي المريب- ولكن وكما قال بملء فيه (نتيجة للمتغيرات الدولية والإقليمية والضغوط الدولية على قوة نداء السودان)!
 عرمان أرجع قبولهم للخارطة لمتغيرات لم يفصلها ثم (ضغوط دولية) لم يفصلها أيضاً، وهو بهذا المسلك لم يبدو متناقضاً فقط، ولكنه اظهر اعتباراً لعوامل خارجية، و (تقدير) لقوى دولية بأكثر من العامل الوطني أو على الأقل عامل الإحساس بأن الحرب لا طائل من وراءها وأنها تلحق أضراراً بالوطن، وتسقط القتلى والضحايا وتضخ النازحين واللاجئين بالآلاف في الوقت الذي فيه يستمتع عرمان ورفاقه -في الخارج- بالغرف الفندقية الدافئة وخدمات الغرف وتذاكر الطيران المميزة والحسابات المصرفية السرية!
إن المستفاد من مثل هذه التناقضات وتقلبات الموقف هذه أن أمثال هؤلاء الساسة يتراوح ما يفعلونه ما بين العبث بأوطانهم وإتاحة الفرص للغرباء للبعث بها، وما بين غياب المبدئية والقضية الموضوعية وتوظيف الأزمة لصالحهم وتحويل فوائدها لمصلحتهم الشخصية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق