الخميس، 11 أغسطس 2016

خارطة الطريق... ردود أفعال

أخيراً وقعت قوى نداء السودان على خارطة الطريق الإفريقية التي ظلت ترفضها قرابة الخمسة شهور، بعد أن بذلت الاتهامات في وقت سابق لرئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوي ثامبو أمبيكي ودمغته بالتآمر مع الحكومة السودانية،
وشككت في نواياه، ما خلق حالة من التوتر والعداء مع الآلية، رفض على إثرها الوسيط طيلة الخمسة شهور مقابلة قيادات النداء ممثلة في أركو مناوي وجبريل إبراهيم وياسر عرمان، بيد أنه حاول استثناء الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي ووافق على مقابلته فقط دون الآخرين بصفته رئيساً لحزب الأمة بعد محاولات مكثفة من جانب الأخير. الأخير انتهز الفرصة ليلعب دور الوسيط بين أمبيكي وقيادات نداء السودان، ولكنه فشل في اقناع رئيس الآلية بأن يلتقيهم ويتحاور معهم حول تحفظاتهم حول الخارطة ووافق على أن اللقاء سينحصر فقط في التوقيع دون أي نقاش آخر.
حكاية ملحق
حسناً، من هنا ربما كانت التوترات المشار إليها قد شكلت مصدر قلق بالنسبة لقوى النداء، فآثرت الأطراف الأخرى من مجموعة باريس توسيط المبعوثين الدوليين خاصة دونالد بوث المبعوث الأمريكي والذي جمعهم في أديس أبابا وخرج الاجتماع بإضافة ملحق لخارطة الطريق احتوى على كل تحفظاتهم. وبعث الصادق المهدي وقتها بخطاب لامبيكي أرفقة بهذا الملحق للتوقيع عليه تمهيدًا لموافقتهم على التوقيع على خارطة الطريق لكن أيضًا قوبل الملحق بالرفض من قبل رئيس الآلية بحجة أنه ليس طرفاً ليوقع كما أن الخارطة لن تخضع لأي إضافة أو تعديلات وهذا الموقف كان يتسق مع موقف الحكومة السودانية الرافض أيضًا لإجراء أي تعديل لخارطة الطريق التي وقعت عليها في حينها مارس الماضي.
التراجع الثاني
تقول وقائع ما قبل الالتئام الأخير، أن قوى نداء السودان تراجعت مرة أخرى عن التوقيع، ودعت لاجتماع في باريس مع كافة قواعدها في أعقاب ضغوط مكثفة من قبل المجتمع الدولي على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية عبر مبعوثها المعني بقضايا السودان وجنوب السودان، خاصة بعد أن تبدل الموقف الأمريكي وتحولت سياسته تجاه السودان من السلب إلى الإيجاب، وأصبح حرصه على أن يتحقق السلام في السودان باسرع ما يمكن لتحقيق مصالحة.
"مللنا الحرب"
بحسب مسؤول أمريكي رفيع تحدث لـ(اليوم التالي) قبل إعلان نداء السودان بشكل رسمي توقيعها على خارطة الطرق كان قد أكد لنا أن الولايات المتحده تحولت سياستها نحو السودان في العام 2016 الجاري وأنها تسعي لتحقيق اختراق بين البلدين خلال الفترة القليلة المقبلة، وواصل المسؤول في حديثه أن الإدارة الأمريكية ترغب في تحقيق السلام في السودان، وأضاف أبلغنا قوى نداء السودان بذلك وقال أوضحنا لهم أننا سئمنا ومللنا من الحرب خاصة بعد تفجر الأوضاع في جنوب السودان وأنهم ليس لديهم استعداد لفتح جبهات حرب جديدة، وزاد طلبنا منهم أن يتخلوا عن السلاح ولا مجال لغير السلام، وأكد على أنهم سيوقعون على خارطة الطريق وفقاً للضغوط الأمريكية والغربية بشكل عام .
توقيع بلا شروط
بعد استجابة قيادات نداء السودان للضغوط المكثفة من المجتمع الدولي، أعلنت موافقتها المشروطة للتوقيع على خارطة الطريق عبر بيان أصدرته بعد اجتماعها الأخير بباريس، وكان المجلس القيادي لقوى نداء السودان قد ذكر أن مستجدات إيجابية حدثت في "الاستجابة لما طرحته قوى نداء السودان حولها، عبر مراسلات ومقابلات مباشرة مع الآلية الرفيعة والاتحاد الأفريقي والمجتمع الإقليمي والدولي، هذه المستجدات ستبحث في لقاء مع الرئيس أمبيكي يجري التحضير له، بما يمهد للتوقيع على خارطة الطريق التي يتم بموجبها عقد الاجتماع التحضيري في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) وإطلاق العملية السلمية المتكافئة التي تؤدي لوقف الحرب وإشاعة الحريات، وبحث بقية استحقاقات الحوار الوطني المنتج"، واشترطت أن يوقع امبيكي قبل أن يوقعوا على خارطة الطريق على ورقة تشمل كافة مطالبهم التي تتمثل في عقد الاجتماع التحضيري والاتفاق على أولوية وقف الحرب وتوصيل الإغاثة للمتضررين كمدخل ضروري للسماح ببدء الحوار، والتداول حول مخرجات الحوار الدائر في الخرطوم للبناء عليها، وتحديد الأجندة والقواعد والإجراءات والضوابط والآليات والضمانات لتشكيل عملية حوار قومي دستوري شامل ذي مصداقية.
محاولة "حفظ ماء الوجه"
تقول وقائع أمسية (الإثنين) إن قوى نداء السودان وقعت على الخارطة دون أي شروط أو التزام من رئيس الآلية الإفريقية.. فقط اكتفي أمبيكي بالإشارة إلى أن كل الأجنده ستناقش في الاجتماع الذي سيجمع آليه الحوار الوطني (7+7) والمعارضة بحسب ما نصت عليه خارطة الطريق، مما يشير حسب مراقبين بأن قوى نداء السودان وقعت دون أية تسوية، وأن ما أصدرته من بيانات محض محاولة لحفظ ماء الوجه.
"الاتجاه شمالاً"
من وجهة نظر مبارك الفاضل في حديثه لـ(اليوم التالي) إن قوى نداء السودان وقعت على الخارطة الإفريقية بهذه الطريقة نتيجة للضغوط الامريكية وقال إن القيادات المذكورة قدرت الموقف الأمريكي منذ البداية بصورة خاطئة. وأضاف أن الموقف الأمريكي استخدم أثيوبيا للضغط المباشر للوصول لحد التحذيرات والمواجهه، وطالبتهم بضرورة الدخول في إجراءات التسوية باعتبار أن أثيوبيا لديها مصلحه مع السودان وجنوب السودان ولا ترغب باندلاع حروب في حدودها. وأشار إلى أن الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت ترغب في أن يكون هناك نيفاشا2، وأضاف: "الحركة لديها الثقل واعتراف واهتمام إقليمي وغربي وليس من قيادات دارفور أو الصادق المهدي"، وزاد: "بالتالي هي التي اتخذت قرار التوقيع و تراجعت من موقفها السابق وفقاً للضغوط التي تعرضت لها ووجدت ما بنيت عليه غير صحيح خاصة وأن الحكومة رافضة (نيفاشا تو) بجانب الأوضاع المتدهورة في الجنوب والموقف الأمريكي المتغير.
ويمضي مبارك خلال حديثه إلى القول: بالنسبة للصادق المهدي فإنه كان على استعداد للتوقيع منذ البداية، لكنه في ذات الوقت "لا يريد أن يعزل نفسه.. حاول (السمسرة) بقوى نداء السودان، وإعطاءها الغطاء القومي لاستخدام وزنها بالضغط على الحكومة"، وزاد: لكن تقديراته كانت خطأ لأن النظام الحالي (قنع منه) -على حد تعبيره- وشدد بالقول "حاجة اسمها سودان جديد انتهت"، ولابد للحركة أن تتجه شمالاً.
تكتلات جديدة
بالنسبة للبعث، الذي لا يعد نفسه طرفًا من قوى النداء، فيقول الناطق الرسمي باسمه محمد ضياء الدين، لـ(اليوم التالي) إنه منذ الإعلان عن قوى نداء السودان أصدر حزبنا موقفاً محدداً منها  باعتبار أنه تم تكوينها من أجل التسوية السياسية مع النظام، وأضاف ما حدث أمس الأول  يؤكد ما ذهب إليه حزب البعث منذ وقت مبكر، واعتبر التوقيع على خارطة الطريق المدخل نحو التسوية السياسية التي تعمل علي الإبقاء على النظام وتحافظ فيه على مرتكزاته وتصطحب بعض أطراف المعارضة المسلحة والمدنية للمشاركة في سلطة المؤتمر الوطني، وتوقع في أعقاب التوقيع أن تنتقل القوى الموقعه إلى مرحلة جديدة بخلق حصار جديد عنوانه قوى التسوية والنظام في مواجهه الانتفاضة والتغيير الجذري، مؤكداً أن التوقيع لن يقدم حلاً لأزمة التطور الوطني في السودان، وقال لكن إذا كان ما هو إيجابي أن الخارطة ستحدث فرزاً واتفاقًا جديدين يشكل ملامح تكتلات المرحلة القادمة.
"فجر جديد"
أما الطيب مصطفى، رئيس منبر السلام العادل، فقد عبر من خلال عموده الراتب بصحيفة (الصيحة) أمس الأول عن تفاؤله قال إن السودان على موعد بانبلاج فجر جديد، بعد توقيع قوى نداء السودان والمعارض بمن فيها الصادق المهدي على خارطة الطريق، واعتبرها خطوة جبارة، وأضاف: آن أوان التحدي الأكبر الذي تمتحن به إراده الحكومة والطرف الآخر لاقتحام العقبة الوحيده لبلوغ العرس السوداني الذي قال إن الشعب السوداني انتظره، قبل أن يستدرك: "لو توفرت إراده الطرفين خاصة الحكومة لتجسير الهوة بل لرصف الطريق حتى تعبر الحركات المسلحة بعد أن تضع سلاحها الي قاعة الصداقة بالخرطوم لاستكمال الحوار الذي أجيزت مخرجاته بإجماع تجاوز نسبة 98%).
المجتمع الدولي يرحب
في الأثناء رحب فيه ممثلو دول الترويكا (النرويج وبريطانيا وأمريكا) بجانب كل من ألمانيا والاتحاد الأوربي على التوقيع على اتفاق خارطة الطريق من قبل حركه العدل والمساوة والتحرير السودان وقطاع الشمال وحزب الأمة، وأضاف بيان للمجموعة تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه أنه بالتوقيع فقد أثبتت هذه الجماعات التزاماً تستحق الثناء عليه لإنهاء الصراعات في السودان، والتحرك نحو عملية الحوار كأساس لسلام دائم في بلدهم. وأثنى البيان على توقيع الحكومة في مارس الماضي، وقال إن اتفاق خارطة الطريق خطوة قيمة نحو انهاء الحروب في السودان، وطالب الموقعين بعدم إضاعة المزيد من الوقت والعمل على اتفاق وقف الأعمال العدائية ووصول المساعدات الإنسانية في دارفور والمنطقتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق