الثلاثاء، 23 أغسطس 2016

(نداء السودان).. خلافات في الوقت الحرج

منذ أن بدأت الشراكة بينهما قبل نحو عامين، كان البعض ينظر إليها على أنها غير متماسكة، وإن بدت عكس ذلك. فمواقف الاثنين من القضية السودانية متباعدة، وإن كان الاثنان يجتمعان في هم معارضة النظام، كما أن أساليب المعارضة لأي منهما تختلف عن الآخر.. حيث يرفع بعضهما شعار إسقاط النظام عبر العمل العسكري، بينما ينتهج الآخر خيارات أخرى لإزاحة نظام الحكم عن السلطة، وإن كان لا يتحمس كثيراً لترديد لفظة إسقاط النظام.
ووفقاً لتلك الاختلافات رأى البعض أن ما يجمعهما تكتيك مرحلي، وإن اصرا على تسميتها "علاقة استراتجية"، وقد كانت بالفعل ترى كذلك.. بيد أن ما طفح أخيراً من خلافات بين أهم شخصيتين قياديتين في التحالف تذهب باتجاه مرحلية العلاقة لا استراتيجيتها.
في اغسطس من العام 2014م خرج الإمام الصادق المهدي، على نحو مفاجئ الى القاهرة ومنها إلى العاصمة الفرنسية باريس، ليبدأ رحلة معارضة جديدة كانت مفاجئة للعديد من المتابعين.. حيث وضع يده لأول مرة منذ مفارقة حقبة (التجمع الوطني)، في يد الحركات الحاملة للسلاح، ما اعتبر انقلاباً في توجه المهدي.. حيث كانت مواقف الحكومة بحسب ما يعبر عنه شركاؤه الجدد.. ووقع المهدي ما اصطلح على تسميته بـ(اعلان باريس) مع الجبهة الثورية التي تجمع الحركة الشعبية وحركات دارفور. اضافة الى قوى معارضة اخرى وشخصيات سياسية.
الشاهد أن التقارب المفاجئ كانت تقف خلفه د. مريم الصادق المهدي نائب رئيس حزب الأمة، وقد تولت للتو ملف تنسيق اللقاءات الخارجية لرئيس حزب الأمة القومي، بعد أن كان الملف في يد الفريق صديق محمد اسماعيل لفترة طويلة..ورغم أن البعض يومها عزا نجاح تقريب المواقف بين حزب الامة القومي والجبهة الثورية الى مقبولية مريم المهدي عند الحركات، الا أن بروز الخلافات الأخيرة بينها وياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال، يشير الى أن الامر برمته كان تقارباً مرحلياً فقط لحاجة كل منهما الى الآخر.
خرج الى الرأي العام في اليومين الماضيين، خطاب أرسلته مريم المهدي، للدكتور أمين مكي مدني بصفته رئيساً للجنة التحقيق في اتهامات أطلقها الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، بحق مريم المهدي نائب رئيس حزب الأمة القومي، وتم تداول الخطاب على نطاق واسع، بطريقة تشير الي خروج خلافات تحالف (نداء السودان) الى العلن، ولم يسارع أي من الأطراف لنفي الخطاب، بخلاف تعليق يتيم لمريم المهدي لم يحمل تأكيداً ولا نفياً لحقيقة الخلاف.. حيث قالت مريم في تعليقها الذي طافت به قروبات (الواتساب)أمس : "هذا كلام قصد منه الفتنة والبلبلة. ولا تنشغلوا به يا أحباب وحبيبات.. وأنا أقول: أما الحبيب ياسر عرمان، فسياسي سوداني مخضرم تدرب وجرب وعرك الحياة وجمرته، أرجوا أن يستفيد من مقدراته وعلاقاته الوطن وأهله..وهو مع ذلك أخ وصديق أتفق وأختلف معه، ويبقى التواصل من أجل السلام في وطننا والاستقرار لشعبنا" . فيما لاذ عرمان بالصمت، وإن كان الناطق الرسمي بأسم ملف السلام في الحركة الشعبية، مبارك أردول، لا يفوت حديثاً دون التعليق عليه.
تقول مريم المهدي في الخطاب المعنون الى أمين مكي مدني، أن ياسر عرمان إتهمها في اجتماع عام لقوى (نداء السودان)،بأنها تعمل ضد الحركة الشعبية، وقد أطلق اتهامه ذلك في سياق تبريره لرفض تسمية مريم المهدي في مهمة التنسيق بين قوى (نداء السودان)، والآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثابو أمبيكي. واعتبرت مريم الاتهام غريباً في محتواه وغير مسؤول في شكله، لجهة أن العمل المشترك في اللجان المختلفة والتواصل المستمر بين الأمين العام للحركة الشعبية ونائب رئيس حزب الأمة القومي، ظل متواصلاً منذ العام 2014م ولم يحدث يوماً أن عبر لها – عرمان- بأنه وبحسب موقعه ومسؤوليته يرى أو يعتقد أنها تعمل ضد الحركة الشعبية. وقالت أن طرح عرمان بهذا الشكل في جتماع شبه مفتوح يسهم في بث الشائعات وترويج الفتنة الذي تنشط فيه أجهزة النظام والآلة الإعلامية المغرضة، طبقاً لقولها.
الكلمات التي قالتها مريم المهدي في تعليقها على الخطاب بعد تداوله على نطاق واسع، بعضها تطابق نصاً مع ما أوردته في خطابها المعنون لأمين مكي مدني.. حيث قالت في الخطاب "ياسر عرمان يساسي مخضرم وصاحب تجربة ونضال وطني مشهود وهو في ذات الوقت يحتل المنصب التنفيذي الأول في الحركة الشعبية التي قرر حزبها أن العلاقة بها إستراتيجية، وهو منصب ذو سيادة ومسؤولية يتوجب ما يصدر عنه بكامل العناية والإهتمام.. كما أن منصب نائب رئيس حزب الأمة القومي هو أحد أعلى خمسة مناصب في الحزب وله من السيادة والمسؤولية بما يلزم شاغله بسياسات وتوجيهات الحزب خاصة الاستراتيجية منها، ومنها العلاقة مع الحركة الشعبية، لذا فإن الاتهام الذي ساقه الأمين العام للحركة الشعبية يلزمه التقصي والبحث وسرعة البت".
لا زال الطريق أمام تحالف (نداء السودان) طويلاً يحتاج إلى تماسك أطرافه في الرؤى والمواقف، بيد أن الخلافات بين أهم اثنين من مكوناته يجعل صموده عسيراً، سيما وأن الخلافات برزت في وقت يمكن تسميته بالحرج بالنسبة لمكونات (نداء السوان).. وقد أشارت مريم المهدي لذلك في خطابها الداعي إلى التحقيق في الاتهامات التي طالتها.. حيث تقول"منعاً لتفاقم الشائعات والتأثير على القواعد من الجانبين خاصة وأن الاتهام تم اعلانه في لقاء شبه مفتوح.. سرعة البت تحدد وتحاصر الأمر في حده الموضوعي والتنظيمي منعاً للشائعات والفتن, ويتم تجاوز الأمر برمته بصورة عادلة ومنصفة وتنظيمية تعزز الثقة والاحترام المتبادل". وتؤكد أن سرعة البت في الأمر تتيح سرعة عمل الاصلاح السياسي والأدبي المطلوب تسهيلاً للعلاقة بين التنظيمين. وأضافت: " للمضي قدماً في المرحلة القادمة بعدما أنجز نداء السودان مرحلة مهمة من العمل الوطني الدؤوب بتحقيق التغير الشامل في السودان نحو السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل بوسائل الحوار والتغير المدني وهو عمل يستوجب سلاسة العلاقة بين كافة تنظيمات نداء السودان".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق