الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

عرمان و(مريم الأخرى).. مرة أخرى!

ربما لم يبد على ياسر عرمان -رغم ترعرعه ونشأته فى كنف الحزب الشيوعي السوداني- انه كثير الاهتمام بأدبيات الحزب وغنائياته المعروفة التى أشهر بها عدد من منسوبي الحزب في مقدمتهم الشاعر الراحل محجوب شريف، أو أن عرمان (ملم)
بهذه الادبيات ولكن إلمامه واهتمامه (بأشياء أخرى) أكبر ولهذا فيما يبدو يضيق ذرعاً وأبدى ضيقاً واضحاً من القيادية المعروفة فى حزب الامة القومي (مريم الصادق)! فالأمر هنا –على مستوى ادبيات الحزب الشيوعي- لا يخرج عن أمرين:
 إما ان عرمان يرى ان مريم هي (مريم الأخرى) بمعنى (المغايرة) الفكرية والسياسية، أو انها (مريم الأخرى)! وفي الحالتين فإن كل حال تفسر هذا النفور السافر بين حلفاء قوى نداء السودان.
قد يقول قائل أنه وفي السياسة على وجه الخصوص هناك مساحة للتحالفات، يتراجع فيها كل طرف -بقدر المستطاع- عن بعض خطوطه السياسية لصالح (خط عام) يجمع المتحالفين. هذه التجربة فشلت على إطلاقها في الممارسة السياسية لدى قوى المعارضة السودانية. تنافر الافكار والرؤى والأيدلوجيات مضافاً لها (هواجس وتوجسات) تمسك بقوة بخناق المتحالفين تظل هي المحدد للتحالف.
لم ينجح تحالف التجمع الوطني الديمقراطي رغم أنه تضمن في إسمه كلمة الديمقراطية ربما تيمناً بالديمقراطية! فشل التجمع الوطن -بباسطة متناهية- كان لذات السبب السحري العجب. التنافر الفكري العصي على المعالجة. لم ينجح أيضاً تحالف قوى الاجماع الوطني سواءً بمسماه هذا أو بمسمى (قوى جوبا)، فقد كانت ذات الجينات السياسية الوراثية حاضرة. لم يحتمل احد الآخر، بل إن كل ذلك كان يرى ان الحزب الحاكم أقرب اليه. الشعبي كان يري ذلك وبالفعل اقترب من الوطني ووافق على الحوار الوطني. تبعه الأمة ثم تبعه الإصلاح. ووافق على الحوار الوطني. تبعه حزب الامة ثم تبعه الاصلاح وكاد يتبعه المؤتمر اسوداني.
قوى الاجماع أجمعت على أمر واحد فقط –وهو دون شك محمد كبيرة– انها لا تصلح للتحالف! ثم جاءت تجربة الجبهة الثورية (سياسة وسلاحاً)، ولكن ما لبثت ان أسلمت الروح بسرعة، فقد احتكرت الحركة الشعبية قطاع الشمال (السلطة) ورفضت تداولها بين مكونات الثورية مع أن النظام الاساسي ينص على ذلك. وكان من المحتم تشييع التجربة!
الآن جاءت قوى نداء السودان وهي جاءت أصلاً على ركام قوى الاجماع ورمادها، فإذا بها هي نفسها الآن تبدأ (بالنداء) على المتحالفين لكي يأوي كل متحالف الى صومعته يتعبد وحده! المواجهة العلنية الحادة بين عرمان ومريم الصادق هي في واقع الامر دليل مادي قاطع على ان هذه التحالفات لا تصلح للمستقبل قريباً كان أو بعيداً، فالحالف الذي لا يصلح في المعارضة، حين يكون المتحالفين (بلا مسئولية حكم) وبلا اعباء تنفيذية، هو تحالف بالقطع لن يصلح فى حكومة وسلطة وعمل تنفيذ يومي يتصل بمعاش الناس ومصالح شعب.
إن الأدلة المجانية التى تقدمها تحالفات قوى المعارضة السودانية على أنها غير صالحة ولا تفي بحاجات السودان المستقبلية أقوى واكبر مما يقدمه خصومها. عرمان لم يغفر لمريم حتى ممالأتها لليسار وإقترابها منه! لم يغفر لها ولا شفع لها ميلها الملحوظ نحو الحركة الشعبية واعتبرها معادية لها! فما عسى لمريم ان تفعل وعرمان يعيد مواجهتها مرة أخرى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق