الأحد، 26 نوفمبر 2017

الحريات الدينية في السودان.. اجتماع مجلس الكنائس السودانية أنموذجاً

لا شك ان من الصعب، بل ومن المستحيل تماماً اتهام السودان أنه لا توجد به حرية أديان وتعايش ديني شديد التسامح. السودان في واقع الأمر واحد من اكبر بلدان العالم احتراماً للأديان والأمثلة على ذلك لا تقع على حصر، ولكن دعونا في هذه العجالة ان نعطي مثالاً حياً واحدا فقط اقتضته المناسبة.
ففي التاسع وحتى الحادي عشر من نوفمبر 2017 انعقدت بالعاصمة السودانية الخرطوم وقائع اجتماعات الجمعية العمومية لمجلس الكنائس السوداني. ومجلس الكنائس السوداني كما هو معروف يضم في تكوينه حوالي 17 كنيسة ، الكنيسة الكاثوليكية و الكنيسة الأسقفية وكنيسة المسيح السودانية والكنيسة الخمسينية والكنيسة القطبية و كنيسة الأخوة وكنيسة السودان الداخلية و الكنيسة اللوثرية و الكنيسة الاثيوبية الخرطوم الارثوذكسية والكنيسة المعمدانية و كنيسة الاصلاح و الكنيسة الاسقفية النظامية و الكنيسة المشيخية و الكنيسة النظامية المتحدة و الكنيسة الارترية الارثوذكسية وكنيسة الانجيل الكامل و الكنيسة اللوثرية العالمية.
دورة انعقاد الجمعية العمومية لكنائس السودان تحمل الرقم 22 انعقدت في المكتبة القبطية احدى أشهر وأهم المناطق التى تمارس فيها الكنسية السودانية أنشطتها الثقافية و الاجتماعية و ربما لاحظ المتابعون للشأن السوداني ان المكتبة القبطية درجت على اقامة افطار رمضاني سنوي تدعو فيه الرئيس السوداني وكبار معاونيه لتناول الافطار الرمضاني في مشهد تسامحي لا ينكره الا مكابر.
أعضاء مجلس الكنائس السوداني انتظموا في اجتماع الجمعية العمومية وحضر الوقائع وزير الارشاد السوداني أبوبكر عثمان ووكيل الوزارة حامد يوسف بجانب الأمين العام لمجلس التعايش الديني، الدكتور فاروق البشرى، ثم رئيس دائرة أفريقيا بالمجلس الاثيوبي د. نقوسي. وحضر كذلك رئيس أسافقة الكنيسة الاسقفية المطران حزقيال كندو ورئيس مجلس الكنائس السودانية القس مبارك حماد والأمين العام للمجلس وليم دينق.
وحين انطلقت فعاليات الاجتماع طلب رئيس مجلس الكنائس السودانية القس مبارك حماد من الحاضرين أن يصلوا «لمباركة دعم الدولة للمجلس في اطار رعايته للكنائس»، وتلك بلا أدنى مواربة كانت واحدة من اسطع اللفتات على الرعاية الشاملة و التعايش المتفرد للأديان في السودان حيث اقر رئيس مجلس الكنائس برعاية الدولة للكنائس!
وزير الارشاد من جانبه حين أعطيَ الكلمة أشار الى نصوص الدستور السوداني الانتقالي 2005 التي تعزز حرية الأديان و توليها اهتماماً خاصاً، مشيراً الى ان حضوره لوقائع الجمعية العمومية للكنائس السودانية نابع من ايمان الدولة بالدور الفاعل للمؤسسات الدينية لارساء التعايش الديني و قيم المحبة، داعياً الطوائف المسيحية المختلفة للحوار وتوحيد نفسها.
التلفزيون السوداني عقد عدة لقاءات اعلامية أبرزها مع القس وليم دينق أمين عام المجلس. وكالة السودان للأنباء الرسمية «سونا» أجرت هي الأخرى حواراً مع د. نقوسي، المدير الاقليمي لمجلس الكنائس العالمي لمنطقة أفريقيا الذي أشاد باتساع و تطور التعايش الديني في السودان و تسهيل تأشيرات الدخول خلافاً لما كان عليه الأمر في العام 2013م.
أجهزة الاعلام السودانية المختلفة من تلفزيون واذاعة و صحف رسمية و مستقلة حضرت الحدث ونقلت جزءا كبيرا منه و أجرت لقاءات و حوارات مثمرة مع الحضور. ومن المؤكد ان قضية التعايش الديني فى السودان لم تعد الآن موضعاً للمزايدات والاتهامات، فالقضية أصيلة راسخة في هذا البلد ومن المستحيل ان تتسبب في أي شرخ اجتماعي أو سياسي، وكل من يدعي غير ذلك فهو حتماً لا يعرف السودان والسودانيين على الاطلاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق