الأحد، 19 نوفمبر 2017

فلسفة وإستراتيجية قوات الدعم السريع في الأمن الداخلي السوداني!

 الدعم السريع معادل موضوعي ذكي للغاية ابتكرته العقلية العسكرية السودانية المعروفة تاريخياً بأنها الأمهر والأشجع و الأكثر قدرة على الإبهار العسكري المجلل بالقوة و الشجاعة غير المحدودة.
في كتابه الشهير (حرب النهر) رئيس الوزراء البريطاني الاشهر( ونستون تشرشل) أعطى لمحة صادقة وشهادة تاريخية للجندي السوداني الفذ، إذ يكفي ان الرجل وصف المواجهة بين جيش كتشنر والسودانيين بأنها كانت تدميراً وتحطيماً، ولم تكن هزيمة!
ولا شك ان المتابع المنصف لتطورات الجيش السوداني وتاريخه البعيد و الحديث يعرف ان الجيش السوداني لم يعرف الهزيمة قط في تاريخه. لقد تحطمت جيوش (عريقة) في دول الجوار و (ذابت كتماثيل الشمع)، كما قال القائد الاسرائيلي (موشي ديان) في مذكراته!
ولكن الجيش السوداني لم ينهزم و لم ينجح احد في كسر نواته الصلبة. وحين نقرأ عن دوافع محمد علي باشا حين فتح السودان العام 1821 فان أحداَ من أهم دوافعه الاستراتيجية الرجال. هكذا، فالقائد التركي الفذ آنذاك فتح السودان وتكبد ذلكم العناء كي يحصل على جنود سودانيين يعلم انهم نادرين في المحيط الاقليمي و الدولي.
اذا علمنا كل هذه الحقائق عن الجندية السودانية فان من السهل ان ندرك فلسفة و إستراتيجية قوات الدعم السريع ، فهي قوات ذات قدرة تكتيكية عالية ، تدريب عسكري مناسب للمواجهات الداخلية (حرب المدن والشوارع) بكل تعقيداتها ومصاعبها، هي قوات اذن تم تصميمها لتكون معادلا موضوعياً لحرب العصابات التى عانى منها السودان منذ العام 1955 في توريت بجنوب السودان، و حرب تجري بداخل العصب الحساس و داخل تلافيف الحضر!
 قوات الدعم السريع و في غضون أربعة أعوام نجحت نجاحاً مذهلاً في إيصال الحركات المسلحة إلى مرحلة (العدم)! لن تجد الآن في انحاء السودان نشاطاً من أي نوع لأي حركات مسلحة ، فما تبقى من هذه الحركات بالكاد تتخفى وتتفادى المواجهة وتراهن على التشبث بالبقاء لأطول فترة ممكنة. كل طموح الحركات المسلحة بعد ضربات قوات الدعم السريع اصبح ينحصر في (البقاء) . تركت مهاجمة الأطواف والقوافل و المدن ونهب المال و الماشية.
تركت احتلال المناطق و نزعت من دفاترها أكذوبة (المناطق المحررة) ولهذا إذا أردنا توصيف فلسفة و استراتيجية قوات الدعم السريع فبإمكاننا ان نستشف جانباً منها يتمثل في: أولاً، خلق قوات مقاتلة تكون بمثابة معادل موضوعي لطريقة عمل الحركات المسلحة والتى تعتمد على تكتيك الضربات الخاطفة و الهروب و العمل داخل المدن و القرى على نحو سريع. قوات الدعم السريع تعمل بتكتيك هجومي يستهدف هذه الحركات المسحة، تواجهها بذات تكتيكيها و تطاردها ولا تدعها تفر او تهرب قط.
وأسطع دليل على ذلك مشاركتا في عملية جمع السلاح قسرياً في دارفور و كيف نجحت نجاحاً باهراً في القبض على مجموعة (سافنا). عملية القبض على سافنا عملية باهرة عسكرياً، لان تكتيك هذه القوات استحالة الفرار او الهرب من بين مخالبها مهما كانت الظروف.
ثانياً، العقيدة القتالية المرتكزة على سند قانوني وأخلاقي لا جدال حوله كونها قوات تعمل تحت إمرة الجيش السوداني وتكافح ظاهرة دخيلة على السودانيين و تبسط الأمن والاستقرار للمصلحة العامة، هدفها استئصال العمل المساح، هي في الواقع عقيدة قتالية كاملة الدسم، شديدة الأثر و توفر حماساً تلقائياً لا حدود  له ، ولهذا فهي تثير الرعب وسط حملة السلاح، اذ لا يستطع احد مواجهتها لأنها متفرغة تماماً لتصفية حساباتها مع كل من يواجهها.
ثالثاً، الطاقة القتالية والوقود الحربي غير المحدود المتوفر لهذه القوات مع اعتمادها على مؤنها و حمولتها المحمولة معها دون الحاجة الى خطوط إمداد طويلة ومعقدة ذات ذراع طويلة، فهي تنتشر على نطاق واسع في دقائق، وتقطع مسافات طويلة في سويعات و تعمل على مدار الـ24 ساعة دون كلل او ملل، هذا هو تدريبها و تكتيكها القتالي ولذا اصبح من المستحيل موجهتها دعك من محاولة شلها او كسر إرادتها.
وأخيراً، فان خير دليل على ما لدى هذه القوات من قدرات قتالية الاستعانة بها فى (عاصفة الحزم) في اليمن، فلو كانت هذه القوات مجرد تشكيلات عادية متواضعة لما خرجت إلى ميدان قتال خارجي جنباً إلى جبن مع قوات أجنبية أخرى. مجمل القول ان قوات الدعم السريع تنفذ الآن المرحلة الاستراتيجية الأهم في مشروع جمع السلاح بجدارة ومهارة نادرة ، ولهذا تستطيع ان تلحظ أنها أجبرت الكثيرين على الانضمام اليها و العمل إلى جانبها مثل (حرس الحدود) كما أجبرت الكثيرين على تسليم السلاح (قسراً) مثل السافنا، وهي تواصل بسط سلطة الدولة في انحاء السودان بتجرد وحماس يستحق الإعجاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق