الاثنين، 20 نوفمبر 2017

جريمة إقتصادية خطيرة في قبضة الجهات المختصة!

قبل أسابيع و تحديداً في الثالث والعشرين من شهر اكتوبر 2017م أوقعت محكمة جنايات بلدية الخرطوم في الدعوى الجنائية والتى تحمل الرقم غ إ/77/2017 عقوبة اسحن لمدة 6 أشهر مع وقف التنفيذ و الغرامة (5000) جنيه، و بالعدم السجن لمدة 6 أشهر أخرى في مواجهة المدان، فائز احمد الطيب.
الحكم الصادر ضد المدان صدر على خلفية تورطه في جريمة يمكن اعتبارها جريمة خطيرة للغاية تمس صميم الأمن الاقتصادي السوداني وتؤثر على مجمل الاداء الاقتصادي للدولة. فقد تم ضبط المذكور و هو يقوم بتمرير شحنة مواد بترولية حوالي (45000) لتر من الجازولين بأوراق مزورة!
عملية البط نفسها كانت تنطوي على قدر كبير من اليقظة والذكاء من السلطات الأمنية المختصة بتأمين المواد البترولية وصيانة السياج الاقتصادي للدولة، اذ ان المدان على ما يبدو كان واثقاً من قدرته على تمرير الشحنة البترولية، دون ان يلحظ احد او تنتبه جهة إلى فعلته الخطيرة، ولكن كانت المفاجأة الصاعقة التى ألجمت لسانه ان السلطات الأمنية سرعان ما أثبتت له انها يقظة وفاجأته مفاجأة تامة في إثبات عدم صحة المستندات دقة تزويرها.
هذه الجريمة في مقابل عملية الضبط التى تمت وإحالة المدان للمحكمة المختصة لمعاقبته جديرة بأن نقف عندها، فهي ليست مجرد جريمة تخالف نص المادتين (97/123 من القانون الجنائي السوداني 1991) المتعلقة باستخدام مستندات مزورة لإلحاق اضرار بالاقتصاد السوداني، ولكنها من الجانب الآخر جريمة اقتصادية ظل الاقتصاد السوداني يعاني منها الأمرين، فالمواد البترولية في السودان كما يعرف الجميع هي مواد مدعومة؛ بمعنى ان الدولة لا تبيع المواد البترولية بذات سعرها وتكلفتها وإنما تتحمل جزء كبير من التكلفة وتفرض سعراً اقل حتى تكون هذه المواد سهلة الشراء للمواطنين ولا تؤثر على مجمل النشاط الاقتصادي!
 قضية الدعم هذه قضية معروفة، وما كان ممكناً ان تمضي الأمور في السودان في ظل ما عاناه الاقتصاد في العقدين الماضيين ودون ان تقدم الدولة دعماً للمنتجات الاستراتيجية التى تدخل في التشغيل و الصناعة و المحركات و المركبات العامة و شاحنات النقل.
لهذا فحين يقوم اشخاص -فقط بدافع الربح السهل السريع- بالحصول على مواد بترولية مدعومة بسعرها الرسمي، توطئة لتهريبها لدول الجوار او بيعها بسعر أعلى في مناطق طرفية نائية فإن هذا هو جوهر ما يشوه اقتصاد الدولة ويزيد من معاناة و ألم المواطنين و تعقيد العملية الاقتصادية بصفة عامة.
ان من المؤكد ان مثل هذه الممارسات ضارة غاية الضرر بالأمن القومي الاقتصادي للدولة ، ولهذا حين يتم ضبط جريمة كهذه ويحال الجاني إلى المحكمة المختصة وتتم معاقبته فان هذا بالضرورة يحقق قدراً من الردع العام و الردع الخاص لمثل هذه الجرائم .
صحيح ان العقوبة لم تشدد غاية التشديد على الجاني وهذا ناتج عن أنه لا يملك صحيفة سوابق جنائية و لم يسبق له إرتكاب جريمة جنائية؛ وصحيح ان المحكمة راعت ظروف الجاني الاجتماعية -كأمر طبيعي وفق قانون الإجراءات الجنائية و السياسة العقابية المتعارف عليها قضائياً- ولكن الأهم ما في الأمر و جوهر الموضوع ان الجهات الأمنية المختصة بحماية امن السودان الاقتصادي نجحت في تأكيد يقظتها و قدرتها على ملاحقة كل من يعبث باقتصاد الدولة وهو أمر تدعمه دورات تدريبية عالية أتاحت لهذه الجهات الإلمام بالطرق والوسائل المختلفة التى بها تخريب اقتصاد الدولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق