الاثنين، 27 نوفمبر 2017

طائرة البشير تحط في موسكو ولاهاي لا تجرؤ على الكلام!

قطع الرئيس السوداني مسافة لا يُستهان بها لتحط طائرته الرئاسية في العاصمة الروسية موسكو، دون أن تجرؤ أية جهة -لاهاي حيث مقر حكمة الجنايات الدولية او غيرها- على إبداء ولو قدر قليل من التذمر المعتاد الذي عرفت به منذ إصدارها مذكرتها الهادفة لتوقيف الرئيس السوداني العام 2009م.
لاهاي بدت معتصمة بالصمت الذي لا يمكن تفسيره إلا في سياق اقتناعها أخيراً على أية حال ان مذكرتها قد تم بلّها بالماء، ولكن لا يعرف هل جرى شربها أم لا؟ والواقع ان تجربة ملاحقة رؤساء الدوم من قبل المحكمة الجنائية الدولية التى ابتدرها المدعي العام السابق –الملاحق بالشبهات وجرائم الرشوة– أثبتت انها تجربة مخيبة للآمال، ويبدو إن هذه القناعة قد رسخت أخيراً ووقرت في قلب المدعية الحالية الغامبية (فاتو بنسودا) فاكتفت بالصمت المطبق.
وحين نقول ان التجربة مخيبة للآمال إنما نعني ان التجربة جاءت ماسخة مشوهة بالدوافع السياسية، ومجردة من النظر القانوني السديد. إذ لم يكن مقصد ميثاق روما المنشئ للمحكمة 1998 إحداث عملية اهتزاز متعمدة في سلك العلاقات الدولية ، حيث يصبح رؤساء الدول الذين تحيط بهم الحصانة الدبلوماسية المكفولة لهم بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1959 محلاً للعبث والتلاعب!
ما من عاقل يقر تشريعاً دولياً يصادم تشريعاً دولياً سبقه بأكثر من 40 عاماً ورسخ في العلاقات الدولية وأصبح عنواناً للسيادة الوطنية. وما من عاقل يمكنه ان يتصور ان تتحول مسارات طائرات الرؤساء الرئاسية والمطارات الدولية مكاناً لملاحقة الرؤساء وإذلالهم كأنهم رؤساء لعصابات المافيا الشهيرة.
والأدهى و أمرّ من كل ذلك فان من المدهش هنا لكل قارئ لعلم القانون -دعك من العاملين في الحقل القضائي والقانوني- ان يتصور مجرد تصور ان تنشأ محكمة جنايات دولية لتطبيق عدالة جنائية دولية في حين ان مجلس الأمن الدولي –وهو جهة سياسية محضة– يتحكم في الإحالة إليها او تجميد الاتهام ضد من يرى!
والكل يعلم ان السودان أحيل إلى محكمة الجنائيات الدولية بقرار من مجلس الامن في الوقت الذي فيه ليس موقعاً على ميثاقها ولا مصادقاً عليه و الأنكى من ذلك ان من بين أعضاء مجلس الأمن الذين أصدروا قرار الإحالة أعضاء غير مصادقين على الميثاق المنشئ للمحكمة ولا يتعرفون بها!
تلك هي المفارقة البلهاء التى لا تستوعبها عقول المشتغلين في الحقل القضائي، فهي مفارقة مضحكة ومبكية جعلت من العدالة محل للمساومة والانتقائية السياسية المزاجية! لكل ذلك فان الطائرة الرئاسية للرئيس السوداني ظلت ومنذ العام 2009 تمتد جناحيها في الفضاء الدولي العريض غير عابئة بأحد ولا مكترثة لأحد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق