الاثنين، 26 فبراير 2018

سواكن ... عودة الروح

من بعد أن وضعها البرتغاليُّون في أجندة أطماعهم  فوصلوا  سواحلها ، أصبحت سواكن نجمة تتلألأ في ديار الإسلام وأرض الخلافة. ولكن  المدن تشقى كما يشقى الناس وتسعد كما يسعدون .
فقد تحوَّلت سواكن من مدينة عالمية زاهرة إلى (خرابات) وأطلال تبكي على الدنيا الخربانة أم بناياً قش . حتى أضحت (نغمة) (موبايل) سواكن (النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السعادة فيها ترك ما فيها. لا دار للمرء بعد الموتِ يسكنها إلا التي قد كان قبل الموت بانيها. فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشرٍّ خاب بانيها). لكن الوجود يتلوَّن بألوان النفس كما يرى (أمرسون). ثم كان حدث من الوزن الثقيل في ديسمبر 2017م ، عندما  زار الرئيس التركي أردوغان مدينة سواكن وأعلن برنامج بعث سواكن.  أيضاً في فبراير 2018م زار سواكن هاكان تشاوش أوغلو  نائب رئيس الوزراء التركي. في ذلك الإطار سيتم تأهيل آثار سواكن وبناء مشروعات استثمارية كبيرة بالمدينة. إحدى نتائج تلك المشروعات أن جزيرة سواكن ستصبح (معلماً سياحياً) بمواصفات عالمية. تجدر الإشارة إلى أن سواكن كانت مدينة من الدرجة الأولى. 
ثم اضمحلَّت لتصبح مدينة من الدرجة الثالثة. كانت سواكن (مركز مديرية) أي (عاصمة ولاية). كانت سواكن مدينة تجارية من الدرجة الأولى. وذلك إلى أن قامت الإدارة البريطانية في السودان بتهميشها، كما همَّشت بربر وحلفا ودنقلا. نتج عن تهميش سواكن أن (المديرية) أي (الولاية) قد نُقلت منها . أي فقدت سواكن مكانتها كـ(رئاسة) للمديرية (الولاية) . في إطار التهميش قام الإنجليز بتجريد سواكن من (الرئاسة) ، وأغلقت المدارس . ثم أكملت الإدارة البريطانية  تحويل سواكن إلى قرية عام 1954م، عندما ألغت خط السكة الحديد الذي يربطها ببورتسودان ، وتفادت إنشاء خط السكة الحديد سواكن- بربر . عاقبت بريطانيا سواكن  وحكمت عليها بالموت بالتقسيط وألحقت بها من العقوبات ما يكفي لتدميرها ومحوها من خارطة المدن وسحب (رخصة مدينة) منها. 
الآن بدخول سواكن عصر جديد هو عصر (عودة الروح)، يجب أن تبرز حقيقة أن سواكن بدأت مشوار الألف ميل للتحوّل من قرية إلى مدينة عالمية . في ذلك الإطار يجب أن يتضح أن مصير ولاية البحر الأحمر متكامل متداخل مع مصير ولاية نهر النيل . عندما اضمحلَّت سواكن اضمحلَّت بربر. وعندما تطورات مدينة بورتسودان من قرية صغيرة اسمها (شيخ برغوث) أو (برؤوت)، ازدهرت بموازاتها مدينة (أتبرا)، أي (عطبرة) بحسب النطق المصري. لكن التفكير التجزيئي الذي فكك الوطنية السودانية عشوائياً إلى (26) ولاية باسم الفيدرالية، جعل ولاية البحر الأحمر تفكر بمعزل عن ارتباطها المصيري بولاية البحر النيل. 
كما جعل ولاية نهر النيل تفكر بمعزل عن ولاية البحر الأحمر . غاب عن (العقل الاتحادي الفيدرالي) العلاقة المصيرية بين البحر الأحمر والنيل . فصارت ولاية البحر الأحمر ضحية ذلك التفكير الانفصالي (الفيدرالي) الذي ران عليها حيناً من الدهر، ريثما جعلها تستسلم وتفكر وكأن  لا نصيب لها في مياه النيل. إسرائيل تخطط ليكون لها حقّ وقسمة معلومة في مياه النيل، بينما تتواضع ولاية البحر الأحمر ويتواضع (العقل الاتحادي) عن حق البحر الأحمر  في مياه النيل. ذلك بينما يفصل النيل عن البحر الأحمر مئات قليلة من الكيلومترات . 
لقد ربطت عام 1869م قناة مائية (قناة السويس) بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط  ، ألا تربط في القرن الواحد وعشرين قناة مائية بين النيل والبحر الأحمر. بين بربر وبورتسودان . في هذا السّياق أيضاً هل بعد اكتمال سدّي عطبرة وسيتيت  ستربط قناة بين نهر عطبرة ونهر القاش ليصبح القاش نهراً دائم الجريان وليس «نهر موسمي».  متى سيتم تحويل مجرى نهر عطبرة ليصب في البحر الأحمر بدلاً من أن يصب في النيل. بعث سواكن مدينة عالمية، يجب أن يوازيه بعث مائي وطني يمزج «النيل» بـ»الأحمر».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق