الاثنين، 26 فبراير 2018

(حراك الأمين العام)

أعلن حزب المؤتمر الشعبي أن عودة الأمين العام للحزب، الدكتور علي الحاج، ستكون بعد استكمال لقاءاته مع الحركات المسلحة وفق مبادرة الحزب لتحقيق السلام وإيقاف الحرب. وقال الأمين عبد الرازق، الأمين السياسي للحزب، إن رئاسة الجمهورية لديها علم بتحركات علي الحاج بشأن مبادرة الحزب، مبيناً أن الحزب يقود اتصالات مكثفة مع الممانعين لتقريب وجهات النظر مع الحكومة من أجل الوصول لتوافق سياسي يحقق المصلحة الوطنية.
كان الأمين العام للمؤتمر الشعبي قد أجرى في وقت سابق سلسلة لقاءات حول السلام مع قيادات حزبية معارضة في الحزبين الشيوعي والبعث، وجاء لقاؤه بالرئيس البشير في وقت تشهد فيه الساحة حراكاً على مستويات مختلفة، وحديثا عن بطء تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وأداء حكومة الوفاق الوطني التي يشارك فيها المؤتمر الشعبي، ويسعى الحزب بقيادة أمينه العام إلى تمهيد الطريق أمام حملة السلاح بغية الوصول إلى سلام شامل ووقف الحرب في كل أنحاء السودان بمباركة من الرئيس البشير، الذي أعطى الضوء الأخضر للعمل من أجل إقناع الحركات المسلحة بالسلام وإيقاف الحرب، ويسعى الحاج لتسخير علاقاته من أجل الوصول لتسوية نهائية مع قادة الجبهة الثورية تمهيداً لسلام شامل، وبالفعل شرع الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي في محادثات مع قيادات الحركات المسلحة بدارفور بمدينة بون الألمانية، والتقى الحاج برئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وعدد من أعضاء الجبهة الثورية، وأوضح الشعبي أن الحزب أطلع القادة على رؤيته لتحقيق السلام في السودان، خلصت إلى الاتفاق على الالتزام بالعمل على تحقيق السلام إدراكا منهما لحجم المعاناة المعيشية التي يكابدها المواطن السوداني، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق النزاع وانطلاقا من المسؤولية الوطنية في السعي الجاد نحو ايجاد الحل السلمي الشامل ووقف الحرب، كما توافقا، وفقا لبيان صدر في ديسمبر الماضي عقب لقائهم، على ضمان انسياب المساعدات الانسانية للمتضررين من النزاعات، وأثنى المجتمعون على خطوات إطلاق سراح الأسرى والمحكومين في قضايا ذات صلة بالصراع المسلح، وطالبوا بالإفراج عن بقية المحتجزين لدى أي من الاطراف، وشدد الطرفان على ضرورة إطلاق الحريات الاساسية وصيانتها على نحو يعزز الثقة والمصداقية في الحل السلمي والتسوية السياسية الشاملة، وتواثق المجتمعون بحسب البيان على إنشاء آلية مشتركة لضمان استمرار الحوار بينهما في القضايا الوطنية كافة، على أن يعمل الطرفان على الاتصال بالقوى السياسية الأخرى وتعريفها بنتائج اللقاء، والتشاور معها حول توسيع دائرة العمل السياسي المشترك.
لقاء ديسمبر الماضي فتح الباب أمام التكهنات القائلة إن الحكومة ربما ترسل وفدا للقاء قادة الجبهة الثورية وعقد مباحثات معهما في ألمانيا وهو الأمر الذي سارع إلى نفيه الوفد الحكومي المفاوض والذي اعتبر أن أمر الذهاب إلى اجتماعات في (برلين) مع الجبهة الثورية غير مطروح في الوقت الراهن، وأعلن تمسك الحكومة بمنبر أديس أبابا.
وبعد انتهاء جولات التفاوض الأخيرة بالعاصمة الإثيوبية بقرار التعليق مع فصيل الحلو دون التوصل إلى اتفاق، تبرز مجددا محاولات إلحاق بقية الحركات المسلحة ومكونات الجبهة الثورية للانضمام لركب التفاوض، وهنا بحسب مراقبين تأتي أهمية وجود الأمين العام للشعبي علي الحاج في ألمانيا حتى هذه اللحظة.
فالعملية السلمية والسياسية تحتاج لوقت وصبر أطول مما هو متوقع ولا يعقل أن تنقطع الجهود التي قام بها الحاج وأثمرت بعودة نصر الدين الهادي الذي يربط البعض بين عودته واقتراب اقتناع قادة الثورية بالجلوس للتفاوض مع الحكومة.
موافقة الرئيس البشير على جولة علي الحاج الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الرامية لإقناع قادة البجهة الثورية بالجلوس للتفاوض تؤشر إلى حقيقة مفادها أن حزبي الوطني والشعبي مهما بدا عليهما من خلافات واختلافات في الرؤى والمواقف في بعض الأحيان إلا انهما لا ينفصلان وتتوحد رؤيتهما في القضايا الكلية والكبيرة التي تهم الوطن، وأن أي حديث غير ذلك عار من الصحة، وربما تكون تطورات الراهن السياسي واختلاف الأهداف المرحلية لها أثر على شكل التحالفات واستراتيجيات المؤتمر الشعبي الذي يبدو في أوقات كثيرة وفقا لبعض الآراء، وكأنما يعمل على إزاحة الوطني من الحكم عبر الاستعداد للانتخابات المقبلة والتي ابتدرها بطواف على أجهزة الحزب في الولايات في إطار الاستعداد، بيد أن ذلك يتعارض مع الظاهر في العلاقة بين الحزبين، إذ يؤكد كثيرون أنها ستنتهي باندماج الحزبين بعد إذابة مخلفات المفاصلة من النفوس، وبعيدا عن الخيارين فإن ما يدور حالياً يعكس بجلاء انعدام الثقة والصدق في التعامل بين الحزبين رغم شهر العسل الذي تعيش فيه العلاقة بينهما منذ بدء الحوار الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق