الأحد، 25 فبراير 2018

لماذا تتباطأ واشنطن في تطبيع علاقاتها مع الخرطوم؟

منذ ان رفعت الادارة الامريكية العقوبات الاقتصادية احادية الجانب التى كانت تفرضها على السوان أواخر العام المنصرم؛ وقد مرت حتى الآن زهاء الاربعة اشهر، فان المتابع لمسار علاقات البلدين لا يلحظ بالدرجة الكافية تطلُّع الدولة العظمى نحو تطبيع العلاقات بينها وبين الخرطوم على النحو الذي من شأنه ان يعود بالفائدة والمنافع المتبادلة بين الدولتين.
صحيح هنا ان ادارة ترامب بكل ما يلاحظ ويقال عنها حتى على مستوى الداخل الامريكي تبدو ادارة تنقصها الكثير من مقتضيات الحصافة وحسن التعامل واحترام أسس العلاقات الدولية؛ ولكن بالمقابل فان المصالح استراتيجية الحيوية للدولة -مهما كانت الظروف- هي أمور لا تحتمل ولا تنتظر! فالولايات المتحدة رغم كل الصيت الدولي الذي ترقد عليه تحتاج حتماً لآخرين، تماماً كما يحتاج اليها الآخرون.
وليس سراً  واشنطن احتاجت وبشدة للسودان خاصة في مجال مكافحة الارهاب، المجال الاكثر حساسية وهواجساً للدولة العظمى، ومن جانبه فان السودان لم يألو جهداً في تقديم ما لديه ومعاونة واشنطن في التغلب على مخاوفها.
الكاتب البريطاني (لورانس فريمان) كتب بهذا المعنى مؤخراً تحت عنوان عريض (امريكا تحتاج السودان)، عالج فيه بمنطق سياسي سديد طبيعة معطيات السودان المتمثلة فى موقعة الجغرافي الاستراتيجي في شرق افريقيا وإمكاينة اسهام السودان في احتواء بؤر الارهاب  خاصة داعش، وكون ان السودان مؤهل تأهيل طبيعي نادر ليصبح مركز دولي للصناعات التحويلية و الزراعية و مواعين النقل لامتلاكه مورداً معدنية هائلة و مساحات زراعية شاسعة!
السودان أيضا قادر على المساهمة فى إنهاء الصراع الدامي المتفجر والموشك على الانهيار في جنوب السودان بين الفرقاء الجنوبيين والتى كانت الادارة الامريكية قد اسمهت اسهام كبير في استيلاد هذه الدولة من رحم الدولة السودانية أملاً في ترسيخ المصالح الامريكية الحيوية في المنطقة.
كما ان ادارة ترامب - يقول فريمان - استشعرت قدراً من الهواجس حيال زيارة الرئيس قبل اشهر إلى روسيا. كل هذا كان قيمناً بأن يستلفت نظر واشنطن إلى هذا البلد الذي عاقبته لما يقارب العقدين من الزمان دون اسباب منطقية واضحة. وكان واضحاً ان كل الادارات الامريكية التى تعاقبت على الحكم في هذه الحقبة فشلت في التعامل مع السودان بالطريقة المعقولة والمناسبة والكفيلة بوضع علاقات الدولتين على المسار الصحيح.
وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة اشتهرت في العلاقات الدولية بتأخرها في اللحاق بقطار المصالح المتبادلة والحضور في الوقت المناسب، في ظل أملثة طويلة و نماذج تاريخية محفوظة عن ظهر قلب؛ إلا ان العديد من المحللين السياسيين ما زالوا يأملون ان تتخلى واشنطن عن هذه العادة السياسية غير الحميدة، فقد ولى زمان تصعير الخد، والمشي بخيلاء و التعالي على الآخرين مع وجود تحديات دولية متسارعة و قضايا لا تحتمل، ومع حاجة الدولة العظمى نفسها لمعاونة الآخرين لان من الافضل فتح نافذة مشتركة لتبادل المنافع بصورة راتبة مستمرة، بدلاً عن سياسة (طرق الأبواب ليلاً) عند الحاج الشديدة الملجِئة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق