الثلاثاء، 27 فبراير 2018

رفع أسم السودان من قائمة الإرهاب.. ملامح ومؤشرات!

أوردت منظمة (كفاية) الأسبوع الماضي ان صناع القرار فى واشنطن يدرسون بعناية ملفات مهمة تتعلق بالسودان هذه الأيام. عضو المنظمة (سلمان بلدو) قال في تقرير مطول حمل عنوان (مؤشرات صارمة للمرحلة المقبلة من العلاقات السودانية الامريكية)، إن صناع القرار فى إدارة ترامب يعكفون على وضع خطة لطريقة التعامل مع الخرطوم فى المرحلة المقابلة ربما تستكمل عملية التطبيع بين الدولتين وترفيع التمثيل الدبلوماسي ورفع اسم السودان من قائمة الارهاب.
 ومع ان التوقعات كانت عالية حين قررت واشنطن رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في اكتوبر 2007 إلا أن إدارة الرئيس ترامب –لسبب أو لآخر– فضلت التأني وإبطاء الخطى فى مسار تطبيع العلاقة بين الدولتين، وهو تأني وإبطاء من الصعب إيجاد مبرر منطقي له، ذلك لعدة اعتبارات مهمة:
أولاً، وصول واشنطن لقناعة تامة ومن داخل مؤسسات صنع القرارات هناك ان إنتفاء أسباب فرض العقوبات على السودان -بصرف النظر عن طبيعة تلك الأسباب- يعني بالضرورة ان واشنطن لم تعد تنظر إلى هذا البلد بذات المنظار القديم كما يعني بداهة ان عملية التطبيع الكاملة ممكنة طالما ان هذا البلد استحق إلغاء العقوبات المفروضة عليه. وهذا في الواقع كان يحتم على الدولة العظمى وحال اتخذاها قرار إلغاء العقوبات، ان تشرع على الفور فى إعادة تطبيع علاقاتها مع الخرطوم.
ثانياً، حتى وإن تظاهرت واشنطن بأنها ليست فى حاجة للسودان، فهي فى واقع الأمر في أمس الحاجة له سواء فيما يخص إصلاح الأوضاع المتردية فى دولة جنوب السودان، او في المجال الاقتصادي ومجال الاستثمار النفطي واستثمار المعادن أو فيما يخص الحد من الهجرة غير الشرعية وجرائم تجارة البشر، إحدى أهم هواجس الدول الغربية والأوروبية في السنوات الأخيرة، أو في قضية مكافحة الارهاب وتمدد داعش وانتشار التطرف في الحزام المحيط بالمنطقة و الإقليم.
هذه الأمور تمثل هاجساً استراتيجياً شديد الإقلاق لواشنطن وهي لهذا السبب تحتاج للسودان وتدرك القدر الذي أنجزه السودان فى مجال مكافحة الارهاب والذي وجد إشادة مستحقة من أكثر من إدارة أمريكية سابقة.
ثالثاً، لم يثبت لواشنطن طوال السنوات العشرين الماضية ان السودان يأوي عناصر إرهابية او يسهل مرورها، او يسهم فى مرور أموال تخص جماعات إرهابية. صحيفة السودان فى هذا الصدد بيضاء ناصعة ولهذا فان استمرار بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ليس عادلاً ولا يساعد على الاستفادة من جهود السودان في مكافحة الارهاب، مستقبلاً لان من الطبيعي اذا كان ما يقدمه السودان من جهود وتعاون لا يجد التقدير اللازم فان من العبث الاستمرار فى تقديم خدمات مجانية لا طائل من ورائها.
رابعاً، إلغاء العقوبات الاقتصادية ورفعها عن السودان في ظل بقاء السودان في قائمة رعاية الارهاب يعتبر تناقضاً مريعاً، إذ لا يمكن ان يكون السودان مستجيباً للمطلوبات الحقوقية وعملية السلام ويحترم القوانين الدولية؛ وفي ذات الوقت يرعى الارهاب!
خامساً، فان بقاء السودان على قائمة الارهاب يصادر قرار رفع العقوبات ويفرغه من محتواه لان هناك مصارف وبنوك عالمية ما تزال ترتاب فى التعامل مع السودان ببقاء إسمه على لائحة الارهاب ومن ثم فهي كمن تبقي على العقوبات الاقتصادية بذات حيثياتها وذات مواصفاتها.
لكل ذلك فان شروع واشنطن فى رفع اسم السودان من قائمة الارهاب هو خطوة ايجابية لاستعدال قرار رفع العقوبات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق