الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

“أمر جديد”

في يناير الماضي، كانت الخارجية السودانية تبدي أسفها على قرار ممهور بتوقيع الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، يحظر بموجبه رعايا عدد من الدول من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كان ساعتها السودانيون من ضمن الممنوع دخولهم إلى أمريكا، الأسف السوداني الرسمي كان مبرراً، باعتبار أن القرار جاء في أعقاب فترة قليلة من إصدار الرئيس الأمريكي السابق (باراك أوباما) أمراً تنفيذياً يوصي برفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم، وهي العقوبات التي استمرت لما يزيد عن العشرين عاماً، اعتبرت الحكومة السودانية وقتها القرار الأمريكي (ردة)، يمكنها أن تقف في سبيل المضي نحو مستقبل يتم فيه إعادة رصف الطريق الواصل بين الخرطوم وواشنطن، وابتدار حقبة جديدة من التعاون.
في وقت متأخر من مساء الأحد، أصدر الرئيس الأمريكي أمراً جديداً يتعلق بذات الحظر المفروض على رعايا بعض الدول في الدخول للولايات المتحدة الأمريكية، الجديد في الأمر هو أن رئيس الدولة الأكبر في العالم قام بسحب اسم السودان من القائمة الجديدة التي شملت كل من (الصومال، ليبيا، العراق، اليمن، سوريا، وإيران)، مع إضافة دول جديدة هي (تشاد، كوريا الشمالية، وفنزويلا)، بحجة التقصير الأمني من جانب، وعدم التعاون حين يتعلق الأمر بكوريا الشمالية. وقال الأمر إن المسؤولين العراقيين سيخضعون لفحص إضافي من أجل دخولهم الولايات المتحدة، لكن لن تفرض عليهم قيود، وكان قرار الحظر السابق الذي برره الرئيس الأمريكي بأنه يأتي في سياق حماية الولايات المتحدة من الهجمات الإرهابية، قد واجهته احتجاجات شعبية كثيفة في الشوارع الأمريكية، قبل أن تتم إعادة تفعيله يوم الأحد.
في أعقاب الأمر السابق، واجه عدد من أصحاب الأصول السودانية مشكلات تتعلق بإمكانية دخولهم الولايات المتحدة، بل إن بعضهم وجد تضامناً منقطع النظير من المواطنين الأمريكيين، الأمر الذي قرأه البعض بأنه يأتي في سياق ابتعاد هدف رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، انطلاقاً من قرار حظر مواطنيه من الدخول إلى أمريكا، لكن ثمة من يقرأ التحولات الجديدة في فعل الإدارة الأمريكية بأنه يأتي في اتجاه المضي قدماً من أجل رفع العقوبات، وهو ما قال عنه البعض إن الأمر صار فقط مسألة زمن ليس إلا. وهو ما سارت على هداه التصريحات الرسمية للمسؤولين الأمريكيين أو السودانيين على السواء.
بالأمس تتحول عبارة الأسف التي أطلقتها الخارجية السودانية إلى ترحيب حين تصدر بياناً تعرب فيه ترحيبها بالقرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وأعلنته الإدارة الأمريكية يوم الأحد 24 سبتمبر 2017، والقاضي بإزالة اسم السودان من قائمة الدول التي تم تقييد دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. القرار يؤكد ثقتها في كفاءة الأجهزة السودانية المختصة وقدرتها ومهنيتها في مراقبة حركة المسافرين من وعبر المطارات السودانية، بما يتوفر لها من تأهيل وخبرة وتجربة وأجهزة ومعدات وصلات، تمكنها من التدقيق وفحص هويات المسافرين وتبادل المعلومات والتعاون مع كافة الأجهزة الرصيفة في الدول الصديقة. وتؤكد الوزارة أن هذه الخطوة تمثل تطوراً إيجابياً مهماً في مسيرة العلاقات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، ونتاجاً طبيعياً لحوار طويل وصريح وجهود مشتركة قامت بها العديد من المؤسسات المختصة من الجانبين، وتعاون وثيق بين البلدين في قضايا دولية وإقليمية محل اهتمام مشترك. 

وأكدت الوزارة تصميم حكومة السودان على بذل المزيد من الجهود مع الإدارة الأمريكية لإزالة أي عقبات أمام التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة لشعبي البلدين، وهو الأمر الذي يعني أن قرار فك الحظر عن المواطنين هو آخر خطوة في سبيل رصف طريق رفع العقوبات الاقتصادية التي تم تمديدها في يوليو حتى أكتوبر، بحسب رؤية المتفائلين فيما يأتي. ويرى البعض أن حظر مواطني تشاد وفنزويلا من الدخول للولايات المتحدة الأمريكية، وفقاً لمبررات وجود قصور أمني، يؤكد في المقابل أن أمر التعاون بين المؤسسات الأمريكية والسودانية يمضي وفقاً لما هو مخطط له، وأنه حتماً سيؤتي أكله في القريب العاجل، وبالتالي يقرب من شقة الخلاف ويرسم الطريق نحو المستقبل. بالنسبة لكثيرين فإن رفع الحظر عن المواطنين السودانيين في طريقهم نحو أمريكا سيعقبه رفع الحظر الاقتصادي عن حكومتهم، بينما يرى آخرون أن الأمر ربما يكون رسالة تحمل أبعاداً مختلفة تريد أن تقول من خلالها الولايات المتحدة إن أزمتنا ليست مع الشعب وإنما مع السلطة، في حال حدث غير المنتظر، وهو تمديد جديد لمهلة رفع العقوبات في أكتوبر المقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق