الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

خيارات الأفارقة.. الشراكة والتعاون لإقتلاع جذور الإرهاب

شهدت نهاية الحرب الباردة وبداية القرن الحادي والعشرين تصاعداً في التهديدات الإرهابية المعقدة في جميع أنحاء العالم لاسيما الإرهاب الذي يتسم بطابع عابر للحدود، علاوة على ذلك فإن المنظمات الإرهابية ترتبط بشبكة عالمية وهو ما يتطلب الحاجة لطريقة جديدة لوضع الرؤى واستشعار المفاجآت وإنشاء شبكة من الخبراء تربط بين الأفكار المتنوعة. ففي عصر العولمة لا يمكن لأي دولة أن مهما كانت قوتها أن تحقق امنها القومي دون التعاون مع جيرانها والشركاء كما أن التصدي للأسباب الجذرية للإرهاب يتطلب التعاون بلا حدود. في الذكري السنوية الخمسين لإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية/ الإتحاد الإفريقي التي صادفت مايو 2003 تعهد رؤساء الدول والحكومات الإفريقية بالقضاء على الإرهاب وضمان الإستقرار السياسي في إفريقيا. وبعيداً عن الإرهاب فإن مايزيد من عدم الإستقرار السياسي في افريقيا انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المشروعة “يتم تداول 2 مليار قطعة في أفريقيا ” مع تزايد النزاعات الداخلية خلال العقدين الماضيين. وهناك التدفقات المالية غير المشروعة فضلاً عن الانشطة الشنيعة التي تقوم بها المجموعات المسلحة والقوات السالبة والمنظمات غير الحكومية المارقة. ومع الأخذ بعين الإعتبار الطبيعة المعقدة للإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود فإن مكافحة هذه الظواهر تتطلب شراكة استراتيجية شاملة تتجاوز الحدود بين أصحاب المصلحة في أفريقيا وخارجها، وإلا فإن افريقيا ستستمر في المعاناة جراء عدم الإستقرار. أصدرت لجنة أجهزة الأمن والمخابرات في إفريقيا “السيسا” خارطة طريق استراتيجية لمدة خمس سنوات بشأن دور المخابرات في بناء أفريقيا خالية من الصراعات وإسكات صوت البنادق في القارة بحلول 2020. وقدمت السيسا أيضا عروض إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي بشأن كيفية الحد من إنتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة وتم تكليفها بمسؤوليات مختلفة في هذا الصدد. ولابد من الإشارة للدور الفاعل الذي ظلت تلعبه السيسا منذ إنشائها في العام 2003م لتحقيق السلم الأمني الأفريقي رغم المشكلات الكبيرة التي تعانيها القارة الإفريقية، فقد شهدت انطلاقة حقيقية في مواقفها السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية. بجانب اهتمامها بالأوضاع الأمنية والتطورات في الأقاليم الإفريقية الخمسة والأوضاع في البلدان الأفريقية خاصة التي تشهد نزاعات داخلية أو تلك التي تعاني من وجود الجماعات الإرهابية والحركات السالبة. وركزت السيسا خلال الورش والمؤتمرات التي عقدتها على تقوية المواقف الأفريقية والمزيد من الدفع في اتجاه تطوير الآليات وترسيخ أقدامها تحت مظلة الاتحاد الأفريقي والسماح لها بحرية الحركة وأداء واجبها في كل أنحاء القارة الأفريقية والتغطية لكافة قضايا القارة وأنشطتها الأمنية. ويمكن القول أن السيسا استطاعت أن تثبت أقدامها وتكون واحدة من الآليات التي تواجه الأوضاع المضطربة في أفريقيا. فقد ظلت تؤكد وقوفها مع الإجماع الأفريقي من خلال دعم المنظمات المساندة للاتحاد الأفريقي وبحكم دورها في متابعة التطورات الأمنية والاستخبارية والاستقرار في أفريقيا. ويعقد مؤتمر ” الشراكة الإستراتيجية الشاملة تجاه مكافحة الإرهاب وتحقيق الإستقرار السياسي في إفريقيا”، بمشاركة مدراء أجهزة الأمن والمخابرات في أفريقيا أواخر سبتمبر الجاري، في ظروف بالغة الدقة خاصة مع تزايد الهجمات الإرهابية في البلادان الإفريقية وما يترتب عليها من آثار أمنية تلقي بظلاها السالبة على الإستقرار السياسي والإقتصادي. ومن هنا تأتي أهمية الشراكات الإستراتيجية بين الأجهزة الأمنية والشركاء في القارة الإفريقية وذلك لإدارة حوار رفيع المستوى بشأن السياسات ، وهو أمر حيوي لتقليل الهوة ومواءمة المواقف بشأن القضايا العالمية والإقليمية ذات الإهتمام المشترك. وستساعد هذه الشراكات على مكافحة الإرهاب والظواهر السالبة الأخرى وضمان الإستقرار السياسي من خلال تبادل المعلومات والتدريب وتبادل المساعدات القانونية وتسليم المجرمين تماشياً مع القوانين اتلوطنية والأدوات الدولية ذات الصلة. وتعتبر الشراكات إطار لتجنب الإزدواج والتداخل والتنافس، وحتى تكون عملية ومستدامة لابد ان تكون منهجية وقائمة على المنفعة المتبادلة واحترام السيادة الوطنية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ويعث مستوى الثقة بين الشركاء في لجنة اجهزة الأمن والمخابرات في إفريقيا بنجاح مؤتمر الخرطوم في وضع أسس متينة ومستوى متقدم من التخطيط والتنسيق للقضاء على مشكلات الإرهاب التي تعاني منه القارة الإفريقية، مع الأخذ في الإعتبار اختلاف المهددات التي تواجه البلدان الإفريقية وتطور وسائل الجماعات الإرهابية والحركات المسلحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق