الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

الأثر المرير لعملية جمع السلاح على الحركات السودانية المسلحة

لم تعد أزمة الحركات السودانية المسلحة تنحصر في ضعفها جراء الضربات الموجعة التى أقعدتها تمماً، فقد كانت هذه واحدة من النتائج المتوقعة لحركات خاضت حرباً لم تقرأ ملابساتها بعقل سياسي رشيد وبلا وازع وطني جدير بالاحترام، ولكن الأزمة الحقيقة لهذه الحركات المسلحة في هذه اللحظات تأخذ عدة أشكال وأبعاد:
أولاً، الموطن السوداني عموماً ومواطن إقليم دارفور وكردفان والنيل الأزرق على وجه  الخصوص استهوته و استغرقته تماماً حملة جمع السلاح ليس فقط لان السلاح منذ أن دخل حياة هؤلاء المواطنين أحال حياتهم إلى جحيم ولم يحقق للحركات المسلحة أهدافها. بعبارة أكثر دقة فان أي مواطن سوداني عادي وبسيط أدرك أن الجدوى السياسية للسلاح تساوي صفر لأنه حتى في حالة الحركة الشعبية الجنوبية التى بلغت بمرحلة إدارة دولة بكاملها -دولة جنوب السودان- عاد السلاح من جديد ليمزقها إرباً ويحيلها إلى دولة من الأشباح و الجثث و اللاجئين البؤساء الذي لا أمل ولا مستقبل هم!
ثانياً، جمع السلاح معناه بداهة اللجوء إلى القوانين و القواعد المجتمعية، وهذه ميزة لطالما تاقت إليها نفوس هؤلاء المواطنين إذ ان ما عانى منه المواطنون السودانيون في مناطق النزاعات في الفترة الماضية كان الأكثر إيلاماً من الحرب و القتل، فقد غابت التقاليد المرعية والقرارات المحترمة لقادة الإدارة الأهلية وبعض المواطنين تراجعت قيمتهم المجتمعية بفعل وجود السلاح في كل الأيدي و بعضهم فقد ممتلكاته بفعل السلاح، وهناك عوائل فقدت أبنائها بفعل السلاح.
إذن لا مناص من اللجوء إلى حالة الاستقرار والطمأنينة، بحيث تعود للكلمة الأهلية بريقها وسطوتها، وتعود للتقاليد و الأعراف مكانتها، فقد أفسد السلاح كل ذلك و افقد الكثيرون الاحترام، وهذا ما سوف يجعل من إمكانية انسياق أي مواطن للحركات المسلحة مستقبلاً ضرباً من المستحيل خاصة اذا علمنا ان الحركة المسلحة ما كانت تحترم كبيراً ولا كانت تضع اعتباراً لعائلة و لا عادات ولا تقاليد، فهي في كثير من الأحيان تقتل و تنهب هكذا ضربة لازب، و بطريقة عشوائية فأحالت حال هؤلاء المواطنين إلى بؤس و جحيم لا يطاق.
ثالثاً، مجرد إعلان الحكومة السودانية لخطة و عملية جمع السلاح معناه –بباسطة –ان النشاط المسلح لهذه الحركات المسلحة قد انتهى تماماً. إذ يستحيل عملياً القيام بعملية جمع للسلاح و تلقي هذه العملية تجاوباً شعبياً اذا كانت الحركات المسلحة ما تزال قادرة على القيام بنشاطها.
بعبارة أخرى فان عملية جمع السلاح في حقيقتها (إعلان رسمي وواقعي) عن هزيمة الحركات المسلحة و إنتهاء دورها وخروجها من الملعب وهذه في الواقع أكثر مرارة من كل شيء حين يعلن خصمك علناً أنه يجمع السلاح و يضع عليه قواعد و يتجاوب معه المواطنين، من المؤكد ان مؤدى ذلك ان اللعبة قد انتهت و أنك لكي تعاود الكرة من جديد تحتاج لأكثر مما هي معجزة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق