الاثنين، 18 سبتمبر 2017

نصيحة حزينة من معارض سوداني للمعارضة السودانية!

يوسف الجلال كاتب صحفي معروف بصحيفة الصيحة السودانية، وقد عرف من خلال كتاباته الصحفية -إتفقنا أو اختلافنا معه- بالهجوم المستمرة على الحكومة وانتقادها. ويبدو أن الرجل كان يفعل ذلك لسنوات أملاً في ان تتغير الأمور، أو أن ينصلح حال قوى المعارضة السودانية، البديل المتخيل للحكومة القائمة، ولكن لم تأتي الرياح على لااقل حتى الآن، وربما لسنوات طوال أخرى، بما كان يشتهي لكاتب فاضطر لتوجيه انتقادات لاذعة لقوى المعارضة السودانية اجتهد الرجل أيما اجتهاد كي تأتي موضوعيه ومتوازنة قدر المستطاع .
 يقول الكاتب في مطلع مقاله (كثيراً ما سالت نفسي ما الذي فعلته أحزاب المعارضة السودانية لمجاراة الانعطافات الشديدة في مواقف المؤتمر الوطني و التى جعلته يقف اقليمياً و دولياً في مساحات غير التى كان يتموضع فيها لنحو ثلاث عقود)؟ يقر الكاتب هنا بأن المؤتمر الوطني نجح في إحداث انعطافات جعلته يقف إقليمياً  ودولياً في مساحات غير التى كان يقف فيها لمدة 30 عاماً مضت..
هذا الإقرار دون شك فيه اعتراف بمهارة المؤتمر الوطني حسبما يفهم من سياق العبارة في الحركة و كسر العزلة و اتخاذ المواقف المتقدمة اقليمياً ودولياً. وبالضرورة يعني ذلك -بمفهوم المخالفة- ان أحزاب المعارضة لا تفعل الشيء نفسه و ليس ادل على ذلك من إشارة الكاتب في تساؤله العميق ذي الدلالة الموحية (ما الذي فعلته أحزاب المعارضة السودانية في (مجاراة) الانعطافات الشديدة في مواقف المؤتمر الوطني إقليمياً و دولياً)؟
فالكاتب يؤكد ان أحزاب المعارضة فقدت (القدرة على المجارة) أو انها أبعد ما تكون عن مسابقة المؤتمر الوطني في مواقفه دعك من ان تكون امامه ومتقدمة عليه! ثم يشير الكاتب وصلاً لما قاله (لكنني لم أجد أي تغيير في برنامج او حتى خطاب للمعارضة).
ثم يصل الكاتب إلى النتيجة المخزية التى قالها بلا تردد ( فالناظر إلى مواقف الاحزاب المعارضة سيجدها هي ذاتها لم يتغير منها أو فيها شيء- مع ان المؤتمر الوطني وهو من يفترض انه خصمها السياسي غير كل شيء، بما في ذلك جلده الايدولوجي، الأمر الذي أسبغ عليه الرضا الإقليمي كلياً وجعله الآن يتأهب لحيازة رضاء الأسرة الدولية)!
ثم يعدد الكاتب إخفاقات المعارضة ويقول (الثابت ان أحزاب المعارضة لم تفكر يوماً في إقامة علاقات راسخة مع محور الخليج ومع السعودية على وجه التحديد و انصرفت كلياُ لترسيخ علاقاتها مع الغرب وهو ما جعلها تخسر كثيراً)! المضحك هنا بشأن انتقادات الكاتب للأحزاب المعارضة في السودان انه (يتباكى) على ما فات على أحزاب المعارضة، تفعله! بعدما سبقها خصمها المؤتمر الوطني في ذلك.
الأمر هنا مضحك لان السياسة في العادة لا توجد فيها مرارات الندم، والماضي والتباكي على الفرص الضائعة ، ثم يعترف الكاتب (وتبعاً لذلك ذهب قادة المؤتمر الوطني إلى بلاد اليانكي أصدقاء لا أعداء! بل إن التوادد بلغ مرحلة رفع العقوبات الامريكية جزئياً و يرجح أنها سترفع كلياً في الثاني عشر من اكتوبر المقبل بناء على الإشارات التى صدرت يوم أمس من نافذين في البيت الأبيض).
وينصح الكاتب أحزاب المعارضة في ختام مقالته (قناعتي انه مطلوب من المعارضة تغيير طريقتها في تعاطي الشأن السياسي، فليس من الكياسة ان تظل جامداً بينما كل الأشياء من حولك تتحرك)! ومن المؤكد هنا ان نصيحة الكاتب تبدو مماثلة لمن ينصح (طالب دراسات عليا) بالإلمام بالقراءة و الكتابة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق