الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

بعـد إلغاء الحظر..رفع العقوبات الأمريكية .. القرار المرتقب

في خطوة وصفت بأنها تمهيدية لإبداء المزيد من التعاون مع السودان تجاه قضاياه المختلفة مع الإدارة الامريكية كرفع العقوبات الاقتصادية بجانب رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، أصدرت الإدارة الأمريكية أمس، مرسوماً جديداً حول الهجرة تضمن تشديداً للقيود على مواطني بعض الدول، وأضاف دولاً جديدة لقائمة المحظورين من دخول البلاد، بينما تم رفع السودان من هذه القائمة. وشمل المرسوم قيودا على السفر إلى أمريكا لمواطني 8 دول هي تشاد وكوريا الشمالية وفنزويلا، إضافة إلى إيران وليبيا والصومال وسورية واليمن، حسبما ذكرت «سكاي نيوز» عربية. وبموجب المرسوم الأميركي فقد تم رفع القيود المفروضة على دخول السودانيين إلى الولايات المتحدة. إلى جانب تعليق دخول الإيرانيين عدا حملة تأشيرات الدراسة وتبادل الزيارات. جاءت القيود الجديدة، التي تدخل حيز التنفيذ بدءاً من 18 أكتوبر المقبل، بناء على مراجعة بعد طعن في إحدى المحاكم على حظر السفر الأصلي الذي أصدره ترامب. يأتي هذا في وقت يتجه فيه السودانيون جميعهم بأنظارهم وقلوبهم تجاه البيت الأبيض لمتابعة ما يمكن أن يتخذه من القرارات المتعلقة بشأن العقوبات على الاقتصاد السوداني، بعد قرب انقضاء الفترة الثانية التي حددتها واشنطن في الثاني عشر من اكتوبر القادم في أقل من عشرين يوماً لرفع العقوبات عن السودان عقب المدة السابقة المقدرة بستة أشهر وارتباطها بالمسارات الخمسة اللازمة لرفع الحصار عن الاقتصاد.
مقدمة لقرار الإلغاء
ويعتبر القرار الأمريكي الذي اتخذه ترامب, مقدمة لقرار قادم يستشف منه المتابعون للأوضاع أن قرار رفع العقوبات عن السودان قد يصبح واقعاً ملموساً , وما يجعل ذلك ممكناً هو الاتجاه الجديد للإدارة الأمريكية في تعاملها مع السودان. كما أن إدارة ترامب قد أشارت إلى أن الوضع الذي أدى إلى فرض العقوبات على السودان قد تغيرعلى مدى الأشهر الستة الماضية من خلال ملاحظتها على الأدوار الإيجابية التي تبنتها الحكومة السودانية. وكانت واشنطن قامت خلال فترة الثلاثة أشهر باختبار مدى تنفيذ بعض الاشتراطات من قبل الحكومة السودانية حتى يتم الرفع الكامل للعقوبات في أكتوبر القادم.. بيد أن الدلائل والاشارات الملموسة من جانب واشنطن تشير إلى رضاها عن تقدم الخرطوم درجات في المسائل الإنسانية ومكافحة الإرهاب وسلام دارفور. فيما يؤكد ذلك مراقبون بقولهم إن السودان التزم بالاشتراطات الأمريكية، لكنهم غير متفاجئون إذا ما اتخذت الادارة الأمريكية قراراً مفاجئاً للحكومة السودانية ربما لم يكن في الحسبان، فضلاً عن مزاجية دونالد ترامب.
غير مستبعد
ويرى كثيرون بالداخل والخارج , أن العقوبات المفروضة من أمريكا على السودان، أدت الى إلحاق ضرر كبير بالبلاد ، في وقت عكس فيه تقرير أممي بأن خسائر السودان نتيجة الحصار بلغت أكثر من 45 مليار دولار. ويقول د. الأمين الحسن الخبير والمحلل السياسي في لقاء صحفي إن قرار إلغاء حظر السودانيين واستثنائهم عن دخول امريكا بعد أن كانوا من الدول الثماني الممنوعين من دخولها, يعتبر قرارا موجبا ويقود إلى التفاؤل بان القرار الأمريكي المنتظر عن رفع العقوبات عن السودان, ربما جاء هذه المرة في مصلحة الشعب السوداني الذي ظل في انتظاره زهاء العشرين سنة الماضية بعد أن أخذت الكثير من اقتصاد ومقدرات الشعب السوداني. ولكن الأمين يشير إلى ضرورة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ,ويشير إلى أن ذلك ليس صعباً وغير مستبعد بعد التقدم الملموس للسودان في هذا المجال, وقد اعترفت به واشنطن نفسها.
ويضيف الحسن إن القرار الأمريكي المنتظر إذا جاء إيجابياً فإن البلاد منتظرة بفتح جديد على الاقتصاد، وربما فتح آفاقاً واسعة على المجال الاقتصادي ما يجعل الانعكاسات على الاقتصاد السوداني بصورة إيجابية في ظل الموقف الجديد الخارجي للسودان مع دول الخليج والتقارب الذي ارتسم على العلاقات مع السودان أخيراً , وقد لعب السودان دوراً وسطياً وباعثاً لإيجاد الحلول لكافة أزمات المنطقة. ويرى الحسن أن الموقف السعودي تجاه أزمة السودان كان مشجعاً ودافعاً لاتجاه رفع العقوبات عنه وعودة التعامل مع المؤسسات الاقتصادية العالمية.
تأثيرات (كلمة)
ورغم أن قرار الإدارة الأمريكية برفع الحظر عن السودانيين لدخول أراضيها جاء مواكباً لأحداث معسكر كلمة في دارفور إبان زيارة رئيس الجمهورية الاخيرة، ما يدلل على عدم تأثيرها على القرار الأمريكي المتخذ بشأن الأزمة الاقتصادية من تجديد للعقوبات وعدمه. ويقول د.السر محمد مصطفى، المحلل السياسي والأكاديمي، إن الخرطوم إجتهدت مؤخراً كثيراً في مساعيها تجاه الاشتراطات الأمريكية وعملت على دفع علاقاتها مع واشنطن للخروج من نفق العلاقات الخشنة إلى أخرى قريبة من التطبيع. ويقول إن المظاهرات التي وافقت زيارة وزير الخاجية لأمريكا من السودانيين هناك ودعواتهم المختلفة بشأن رفع العقوبات فيها وعي كبير وربما كانت نتائجها إيجابية بشأن رفع الحظر عن السودان بالرغم من التداعيات التي صاحبت زيارة الرئيس لمعسكر كلمة بدارفور. فيما بدت كل الاحتمالات سواء أمام د .أبوبكر وذلك لتخوفه من عدم إيفاء واشنطن بوعودها تجاه الخرطوم جراء ما نتج عن الزيارة المذكورة. ولكنه قال إن قيام قوات اليوناميد بإخلاء وجودها من المناطق المحددة لها في دارفور وخروجها من السودان من الأسباب والدوافع التي تقود واشنطن لرفع الحظر الاقتصادي والسياسي. وربط آدم مصير رفع العقوبات بالتوجه للتطبيع مع الإدارة الأمريكية على الكثير من المفاهيم المشتركة.
حتمية الإلغاء
ويضيف د.الفاتح محجوب الخبير والمحلل السياسي في تحليله لمآلات رفع العقوبات الأمريكية عن السودان بقوله ان العقوبات المعنية هي ليست تلك التي تعنيها الإدارة الامريكية والمفروضة بقانون من الكونجرس الأمريكي، وانما المطروح على الطاولة هو إمكانية إلغائها أو تمديد الاستثناء أو تثبيتها. وأكد أنه بالنسبة للعقوبات فمن المؤكد أن السودان سواء تم الإعفاء أو الإلغاء النهائي عنه فهو ليس جاهزاً للاستفادة من إلغاء هذه العقوبات, والسبب أنه ومنذ إلغائها بصورة مؤقتة إلا أنه لم ينخرط ضمن الشبكة المصرفية العالمية، بسبب أنه غير مهيأ البتة لما تواجهه العملة المحلية "ليست حرة" من مد وجزر، وهذا بحد ذاته لم يمثل مشكلة إن كان بنك السودان يمتلك الأهلية تجاه العملة, وهذا يعني أن القرارات الأمريكية لن يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد السوداني. ولكن والحديث لمحجوب, إذا ما تم الإلغاء، فما هو المطلوب من السودان للاستفادة من رفع تلك العقوبات؟؟ بيد أنه قال إن الحكومة في انتظارها جراحة مجهرية كبيرة للاقتصاد السوداني ليتعافى من وهدته التي ألمت به طيلة سنوات الحظر.
وزاد مهما كان موقف واشنطن إلا أنني اتوقع أن يتم إلغاء العقوبات نهائياً لأن التمديد و "التثبيت" غير وارد فهو يتعارض مع الموقف الأمريكي الذي لا يلجأ لتجريب المجرب.
استراتيجية وتنوع
إمكانية رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن السودان ظل هو الهاجس الكبير الذي يتناوله المراقبون عبر الكثير من المنتديات, فيما ما زال الحديث يترى عن الفوائد المنتظرة من عملية رفع العقوبات عن الاقتصاد السوداني.. أمر العقوبات الاقتصادية لم يكن بمعزل عن المزاج السوداني العام الذي لم يفتأ يبحث عن الحلول للمعضلة السودانية بطرق مختلفة منها ما هو أكاديمي ومنها ما هو تنظيري بجانب إمكانية وجود استراتيجية للتطور اليومي . وقال المواطن محمد آدم اسحق مهتم بالاقتصاد إن قرار إلغاء العقوبات المنتظر اتخاذه من قبل الولايات المتحدة, يجب ان يشمل رفع اسمه من قائمة دول الإرهاب إذ لن يجدي رفع الحصار عن القرار السياسي الذي اتخذ من قبل البيت الأبيض والكونجرس. وقال إن أكثر المتضررين من هذا القرار هو المواطن السوداني، مطالبا "لوبيات" وجماعات الضغط، التي تسيطر على القرار الأمريكي بمراعاة هذه الجوانب الإنسانية.
تجميد الأصول
وكانت دول أوربية كثيرة قد قامت بتجميد الأصول المالية الاقتصادية وتبعتها بعض الدول الغربية، حتى الدول الخليجية كانت مجمدة للأصول والتعاملات المالية، إلا انها وبعد الانفتاح الأخير للدبلوماسية السودانية تجاه الخليج، فقد عادت التبادلات التجارية مع الدول العربية الى وضعها الطبيعي، وكانت مشاركة السودان ضمن عاصفة الحزم في اليمن، أعادت السودان الى مكانته الأولى من التبادل التجاري بين الدول العربية بعد ان تراجعت مؤخراً، فضلاً عن قطع العلاقات مع إيران وإيقاف النشاط الثقافي، ومن ثم أصدرت واشنطن قرار رفع الحظر الاقتصادي المشروط، الذي ألزم بموجبه الشركات الأمريكية بإمكانية الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق