الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

السيسا في الخرطوم

ربما سمع الكثيرون بهذا الاسم (السيسا) في السنوات الأخيرة, غير أن قليلين ربما لا يدركون ماذا يعني الاسم تحديداً. السيسا اصطلاحاً تعنى لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية وهي منظمة تجمع أجهزة الأمن والمخابرات في الدول الأفريقية وتعمل اللجنة تحت مظلة لجنة السلم والأمن التابعة للاتحاد الأفريقي, ولقد تم تشكيل تلك اللجنة حسب منطوق القرار الصادر عن القمة الأفريقية التي عقدت بالعاصمة النيجيرية (أبوجا) في العام 2004. م. 
والسيسا حاضرة هذه الأيام في الخرطوم بسبب قرب انعقاد مؤتمرها (الرابع عشر). على شرف هذا اللقاء الهام عقد بعد ظهر السبت الماضي بقاعة الصداقة مؤتمر صحفي وذلك بقصد (تدشين) فعاليات اللقاء الأمني الرفيع. كان المتحدث الرئيس في المؤتمر السيد (شميليس شماي) المدير التنفيذي للسيسا وهو من دولة اثيوبيا الشقيقة. نظم المؤتمر جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان والذي يستضيف المؤتمر بطبيعة الحال. أدار المؤتمر والنقاش سعادة العميد محمد حامد تبيدي بينما جلس على يسار السيد شميليس سعادة اللواء طارق شكري رئيس اللجنة الفنية للسيسا والذي تولى عملية الترجمة باحترافية بينة. لا شك أن الدواعي لقيام هذه اللجنة وفي هذا الوقت بالذات واضحة, 
ذلك أن التهديدات الأمنية بدأت تأخذ بتلابيب الدول الأفريقية وذلك بعد انتهاء فترة (شهر العسل) التي أعقبت حصول معظم الدول الأفريقية على استقلالها وبدأت مرحلة تتسم بتكالب الدول الاستعمارية على ثروات القارة البكر, وكانت تلك التهديدات الأمنية هي المدخل لاشغال الدول الأفريقية بالمشاكل الإثنية والحروب والحصار الاقتصادي حتى يسهل الاستيلاء على تلك الثروات. من الواضح أن المهمة الأولى للسيسا هي تقديم المعلومات الاستخبارية لقادة الدول الأفريقية وصانعي السياسات والقرارت فيها, وأن يكون تقديم تلك المعلومات في الوقت والزمان المحددين خاصة فيما يتعلق بمسألة (فض النزاعات) وهي أي النزاعات هي (الآفة) التي استنزفت مقدرات وجهود الدول الأفريقية مما عطل قطار التنمية في معظم تلك الدول. ولعله من الواضح أن تلك التهديدات الأمنية قد بلغت مبلغاً خطيراً بعد ظهور الحركات الارهابية المتطرفة مثل داعش وبوكو حرام وغيرها. 
وفي ضوء ذلك فليس من الغريب أن ينعقد هذا اللقاء تحت شعار (الشراكة الاستراتيجية الشاملة لمكافحة الإرهاب وتحقيق السلم والاستقرار السياسي). ومما ذكره السيد شميليس وهو يشيد بالسودان وبجهاز الأمن والمخابرات الوطني فيه , هو ان السودان كان من (الآباء المؤسسين) لهذه المنظمة (السيسا), ليس هذا فحسب، بل ان السودان هو الدولة الوحيدة من بين عضوية السيسا البالغة (51) عضواً الذي نال شرف استضافة هذا اللقاء السنوي ثلاث مرات. اللقاء الذي سيعقد في يومي (28و29) من سبتمبر الجاري هو (الثالث) بالنسبة للسودان مما يعني ان السودان قد سجل (سيوبرهاتريك) بامتياز. ولم يأت ذلك اعتباطاً , فمن الواضح انه يعكس التزام السودان بالأهداف العليا للسيسا وحرصه على تنفيذ تلك الأهداف. المؤسسة الرئاسية في السودان تعطي هذا اللقاء أهمية خاصة . فسيقوم أكبر ثلاثة مسئولين في تلك المؤسسة بمخاطبة فعاليات المؤتمر والاحتفاء به، حيث سيخاطب الرئيس البشير الجلسة الأولى للمؤتمر. 
بينما يخاطب السيد النائب الأول الفريق أول بكري حسن صالح الجلسة الثانية. ويخاطب السيد نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن الجلسة الختامية. ان هذا المؤتمر الرابع عشر للسيسا سيكون له ما بعده خاصة وهو ينعقد في ظروف بدأت فيه المنظمات الإرهابية مثل داعش وبوكوحرام في التفتت كقوى عسكرية منظمة غير أن ذلك لا يعني انتهاء دورها كعوامل سالبة في المجتمعات الأفريقية فكثير من مواطني تلك البلاد انضموا الى تلك التنظيمات و تلك العناصر (لم تمت) كلها بطبيعة الحال مما يعني ان على الدول الأفريقية أن تتوقع (جيلاً جديداً) من الإرهاب و الإرهابيين , وعليه فان مؤتمر السيسا يتوقع ان تصدر عنه طائفة واسعة من القرارات والتوصيات المهمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق