الاثنين، 24 أبريل 2017

«نداء السودان»… تصدعات الجسد «المنهك»!

خلافات.. انشقاقات… تصدعات …تآكل كل يوم لحائط القوى المعارضة… فقد بات ملف الخلافات بين احزاب المعارضة حافلاً… بل تزداد هذه الخلافات كلما فُتح ملف سياسي امامها .. الامر الذي جعل قوى «نداء السودان» في مهب الريح بعد اختلافاتها الاخيرة حول رئاسة وفده للقاء الآلية الافريقية بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا… حيث خاطب جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة الوساطة الافريقية بصفته رئيساً لنداءالسودان… بينما صدر بيان منسوب لنداء السودان يحمل توقيع الجبهة الثورية «أ» والجبهة الثورية «ب»… وحزب الامة وقوى نداء السودان بالداخل… طلب البيان لقاء الوساطة في اقرب فرصة للتداول حول كيفية الدفع بالعملية السلمية…. لم يكن ذلك الخلاف او التضارب الاول بين قوى نداء السودان.. فقد اختلفوا في السابق حول خارطة الطريق.. ودفع البعض الى اعتبار ان الحياة الحزبية وصلت مرحلة الانهيار…. بعد فشل نداء السودان في التوافق على اختيار رئيس له في اجتماعاته الاخيرة بباريس… في ظل الخلافات بين فصائل دارفور من جهة… وقطاع الشمال من جهة اخرى… وكشف مكتب رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي عن اعتذار المهدي عن رئاسة التحالف لانه يضم فصائل مسلحة لا تقبل المساءلة عن تصرفاتها… اذا كيف يمكن لقوى معارضة مختلفة ايدلوجياً ان تتحد لهدف وطني؟… وهل اختلافهم وتدافعهم حول الرئاسة يشير الى بحثهم عن المناصب اكثر من قضايا التنمية؟…
انقسام..تأرجح…
الانقسام المتكرر والتأرجح الواضح حول مواقف تحالف قوى «نداء السودان» الذي يجمع المعارضة بشقيها السياسي والمسلح تجاه التعامل مع القضايا المصيرية وملف السلام من خلال «خريطة الطريق» الأفريقية للسلام والحوار يؤكد عدم التوافق التنظيمي بين المكونات بالرغم من التوافق على الهدف وهو ازاحة الحكومة… اقترح طرف في المعارضة إضافة ملحق للخريطة بينما تبرأ قادة التحالف المعارض في الداخل، من نتائج اجتماعات أديس أبابا التي تمخض عنها الملحق ما يهدد بانشقاق في صفوفها…
حيث وقعت قوى المعارضة طوال ما يربو على ربع قرن على ما يتجاوز الاثنى عشر اتفاقاً ووثيقة سياسية فيما بينها… كل واحدة من تلك الاتفاقيات تحمل عنواناً.. لكنها جميعاً تأخذ ذات المضامين المكررة الخالية من الهم الوطني بحسب الخبير الاستراتيجي بروفيسور محمد ابوصالح.. فمنذ ميثاق التجمع الديموقراطي ثم مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995م ثم ميثاق الفجر الجديد2012م ثم وثيقة البديل الديمقراطي2012م ثم اعلان باريس اغسطس 2014م واعلان اديس ابابا 2014م واخيراً نداء السودان الذي بدأ يتآكل الان بعد اجتماعات المعارضة باديس حول خارطة الطريق… واختلافهم مؤخراً حول رئاسة المكون…
خلاف «مبطن»!
في خواتيم العام الماضي اقترحت قوى «نداء السودان» اعتماد ملحق يجعل من خريطة الطريق، مدخلاً لحوار متكافئ وجاد ومثمر بمشاركة كل قوى المعارضة… ما يمهد لانضمام المعارضة إلى الخريطة بعد أن ظلت ترفضها منذ تقديمها من جانب الوساطة في مارس من العام 2016م…. وكشف رئيس «حزب المؤتمر السوداني» عمر الدقير عن وجود خلافات داخل قوى «نداء السودان»، قائلاً إن تحالف «قوى الإجماع الوطني» في الداخل منقسم على ذاته، مشيراً إلى أن بعض مكونات التحالف موافقة على تحركات «نداء السودان» بينما تتحفظ قوى أخرى… وفي المقابل ذكر بيان لتحالف «قوى الإجماع الوطني» إن الاجتماع بين المبعوث الأميركي وبعض أطراف المعارضة «لم يتم تسميتها بدقة لأن الأطراف التي شاركت فيهما تمثل أحزابها وليس نداء السودان»… مما يؤكد ان الخلاف بين المكونات «مبطن» منذ تحالف قوى المعارضة.
اصوات معارضة...
الاصوات المعارضة لقرارات نداء السودان ليست الاولى فقد حذر رئيس هيئة قوى الاجماع فاروق ابوعيسى من نداء السودان.. وقال: ان نداء السودان الذي ارتضته الاحزاب المنضوية تحت لواء التحالف نسجت خيوطه عدة جهات دولية بمساعدة الحكومة للتآمر على المعارضة وشق صفوفها.. باعتبار انه نص على التسوية مع الحكومة، واكد ابوعيسى انه وقع على نداء السودان بصفته رئيس التحالف ويتحمل هذا لكنه نبه الاحزاب التي يمثلها في اديس ابابا ان نداء السودان مؤامرة من المجتمع الدولي والحكومة للسير نحو التسوية…
لافتات تقليدية..
ان ازمة القوى السياسية المعارضة الماثلة الان تتجلى اكثر مما تتجلى في الكثير من المواقف والتناقضات والخلافات فيما بينها… ووصفها المحلل السياسي د. اسامة زين العابدين انها مجرد لافتات تقليدية قديمة تجاوزتها المتغيرات السياسية المحلية والدولية … وهي الان تبحث عن جماهير لن تجدهم ابداً.. او وقوى يسارية لم تعد حركة التاريخ تحتمل مجرد ملامستها للحياة والواقع… فترسيخ هذه القوى لمفهوم انعدام الخيارات لدى المواطن السوداني البسيط اصبح الغالب الاعم لكل مواقفها… فهي في كل يوم وعن عمد وسبق اصرار تؤكد انها لم تعد تناسب متغير اته وظروفه… ولهذا فإن عامل الوقت يكفي ل«زحزحة» هذه القوى و«دحرجتها» تدريجياً لتصبح خارج حركة وجغرافيا التاريخ السياسي السوداني… لانهم بعيدون عن ملامسة واقع المواطن السوداني البسيط ويعملون لمصالحهم الخاصة وفق اجندة خارجية لاتريد للسودان سلاماً وامناً…
اهداف «ظرفية»…
واضاف زين العابدين في حديثه ل«الصحافة» ان الاوضاع على الساحة السياسية دقيقة وتحتاج الى حكمة ودراية سياسية من الاحزاب، الا ان مقدرات المعارضة تبدو متواضعة ومضطربة وغير منسجمة خاصة حول مبادرات الحكومة ومقترحات الوساطة الافريقية… مطالباً الاحزاب بالبحث عن معضلة الاضطراب والتناقض معاً، مشيراً الى ان تلك التحالفات داخل جسد المعارضة نشأت لتحقيق اهداف سياسية مشتركة غالباً ما تكون تلك الاهداف «ظرفية».. وان ظرفية التحالف السياسي تجعله يحمل في طياته متناقضات تتمثل في تفاعل عوامل الصراع وعوامل التعامل مع الخصوم، واعتبر ان السياسات غالباً ما تجمع الخصوم برضائهم لكن على مضض، وهو يرى انه نسبة لظرفية دواعي التحالفات السياسية فانها قد تتدهور وتعود الاطراف الى مكنوناتها الاصلية بمعنى ان ينهار التحالف، مؤكداً وجود عدة اشياء اضعفت المعارضة السودانية عموما وقوى نداء السودان خاصة من بينها اختلاف ايدولوجيا الاحزاب المكونة للنداء ولم يستبعد دخول المصالح الحزبية الضيقة…
وصف العديد من المراقبين قوى «نداء السودان» بالجسم الذي بدأ يتآكل بسبب الخلافات الحادة منذ نشأته حيث ابدت بعض الاحزاب المكونة للتحالف اعتراضاً للعديد من اللقاءات التي جمعت احد المكونات مع الوسيط الافريقي…
استفهامات…
الى متى يظل واقع حال احزاب المعارضة تجاه التعامل مع قضايا الساعة عل الساحة السياسية على رأسها ملف السلام والتفاوض ؟.. وهل لديها طرح لبرامج يمكن ان يستفيد منها المواطن؟….وهل باستطاعة تلك الاحزاب التي اصابها الانشطار والاختلاف ان تتمكن من وضع رؤية وطنية خالصة لحل ازمات السودان….
الواقع الآن يؤكد انه يصعب في ظل خلافات المعارضة المضطربة الجزم بأن تتوافق القوى السياسية على رؤية موحدة حول الحوار الوطني كقضية اساسية وهدف تسعى اليه كل الاحزاب لحلحلة ازمات البلاد… قد يفضي الحوار الى نتائج ملموسة او مرضية بحجم التفاؤل الكبير لدى الشعب إذا نجح التوافق التام بين القوى السياسية المعارضة في تحديد رؤية وطنية ثابتة بقدر معقول والبلاد والساحة تترقب اعلان حكومة الوفاق الوطني في خواتيم هذا الاسبوع بحسب الحكومة امس… كبداية لانطلاقة تنفيذ توصيات الحوار…. وقد تمضي الأمور كما كانت عليه في السابق من اضطراب سياسي ونزاعات عسكرية جزئية وانفلات أمني في مناطق الصراعات… وهكذا حال المعارضة فهي خبيرة في صناعة ازمات البلاد، لذلك لايمكن الجزم بأن تكون النتيجة وضعاً بين هذا وذاك… إذا غلب الاختلاف وعدم التوافق فيما بينهم دون التوصل الى حلول للثوابت الوطنية…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق