الخميس، 20 أبريل 2017

قطاع الشمال، المأساه والملهاه!!

ليس صحيحاً من الناحية العملية الواقعية أن خلافات قطاع الشمال المجهولة المآلات حتي الآن، ربما تتسبب في عرقلة إتمام عملية السلام ومشروع الوفاق الوطني في السودان.
 صحيح أن أي انقسام في أي  مجموعة سياسية أو مجموعة مسلحة يعقد بدرجة ما عملية التفاوض نفسها.
كونك تجد أنك مضطر للتفاوض – في ذات الموضوع – مع أكثر من مجموعة واحدة، وهذا رأينا جانباً منه فيما يخص الحركات الدرافورية المسلحة وصحيح أيضاً أن عملية الانقسام نفسها فيها تكريس للفرقة وتشتت الكتلة السياسية الوطنية وتشرذمها وإبطاء عملية التوافق العام لبناء الدولة.
ولكن بالمقابل فإن الإنقسام في حركة مسلحة له دلالات ايجابية لا يستطيع أحد انكارها فهو علي الأقل يقلل من حدة العمل المسلح ويزيد من مساحة الاستقرار وقد شاهدنا ذلك بوضوح تام في الحركات الدارفورية المسلحة،  فقد تراجع وتلاشي تماماً تأُثيرها الميداني عقب الانقسامات التي ضربتها، كما أن الانقسام يكشف لبعض مؤيدي الحركة المعينة جانباً كان خافياً عليهم أو مطوياً بعناية في حنايا وصدور القادة لأن الانقسام بطبيعة الحال إنما يقع أول ما يقع داخل كابينة القيادة.
الانقسام أيضاً يزيد من حدة التنافس بين الفرقاء بحيث يجعلهم ميالين الي إتخاذ مواقف من أجل التسابق واحراز الأهداف.
واذا شئنا النظر بهذه المقاييس الي الحركة الشعبية قطاع الشمال، فإن الخلافات التي ضربتها وما تزال تضربها أفرزت جوانباً إيجابية جيدة.
أولاً: بغض النظر عن صحة أطروحة تقرير المصير من عدمها، فإن الكثيرين من مؤيدي الحركة، توقفوا قليلاً حيال هذا الطرح فهم علي دراية بما آلت اليه أواضع دولة الجنوب والطرح الوحشي الذي دخلت فيه، كما أن خصوم الحركة تنبهوا الي ضرورة مضاعفة العمل لوأد هذا التوجه الخاطئ، اذ ليس مؤدي أي خلاف سياسي طرح حق تقرير المصير.
قضية التنوع والاختلاف بل حتي التفاوت التنموي قضية عادية تعاني منها حتي الدول المتقدمة.
وهي لا تبرر المطالبة بتقرير المصير مهما كانت الدواعي.
ثانياً: ممولي الحركة الشعبية وداعميها من الخارج أدركوا بالدليل العملي القاطع أن الحركة الشعبية قطاع الشمال – لمفارقة القدر وسخرياته – تحمل ذات الجنيات والصفات الوراثية للحركة الأم لدرجة التطابق والتماثل التام، وهؤلاء الممولين ندموا أشد الندم وتحسروا علي دعمهم لقيام دولة الجنوب فما الذي يجعلهم الآن يخوضون ذات التجربة؟ ولذلك فإن تراجع الدعم اللوجستي والتمويل والأجنبي واحد من أهم إجابيات الخلاف، أن هذا الدعم والتمويل وفضلاً عن أنه لا يخدم لهؤلاء الداعمين قضية – كما يحدث الآن في دولة الجنوب- فهو يضاعف من معاناة المواطنين.
ثالثاً: المراهقين علي الحركة الشعبية من القوي السياسية المعارضة أتاحت لهم الظروف الآن فرصة تاريخية للتخلي عن هذا الرهان الخاسر.
الآن تستطيع أن تلمس الشعور بالاحباط واليأس من قبل القوي المعارضة التي كانت تقف بقوة الي جانب الحركة الشعبية وتعتقد أنها تستفيد من سلاحها في الوصول الي هدفها مجاناً.
وعلي كل فإن تكرار التاريخ لنفسه في القالب أمر ليس مستحيلاً، وكلنه كما يقال يكرر نفسه إما في شكل ملهاه أو مأساه! والعجيب أن الحركة الشعبية أنجزت هذه الفرضية ملهاة ومأساة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق