الخميس، 20 أبريل 2017

دروس مهمة من أزمة قطاع الشمال!!

الأزمة الخانقة التي تعيشها الحركة الشعبية قطاع الشمال والتي بدت للكثيرين مدهشة ومفاجئة، هي في واقع الأمر – وبغض النظر عن مآلاتها- بمثابة (فصل دراسي سياسي كامل) أفادت تلامذتها أن كانوا وعوا الدرس وحفظوا متونه وحواشيه،
وأفادت السودان نفسه القطر الذي يثابر  لتقوية عناصر توحده، بينما ينازع آخرون باتجاه تمزيقه.
تلامذة الحركة الشعبية، وهو وصف لا نطلقه استخفافاً ولكننا نسنده  الي زعيهم الراحل قرنق الذي نظم لهم لسنوات طوال فصول دراسية ولقنهم الكثير من رؤاه، هؤلاء التلامذه لم يكونوا علي قدر الدروس المهمة التي نالوها حينما انتهي دور قرنق بتحطم طائرته في أغسطس 2005- ولو كان صحيحاً أن وحداً فقط – دعك من كل التلامذه – وعي الدرس لتغيرت إستراتيجية الحركة ولأغناها ذلك  عن كل ما هي فيه الآن .
أولاً: بالطبع لم تكن ضمن حسابات د. جون قرنق  أنه لن يكون حاضراً في المشهد السياسي الذي أعقب اتفاقية السلام الشامل 2005!
والذين يعرفون قرنق ويزعمون أنهم كانوا قربين منه لا يعرفون  أن الرجل كان يحتفظ (بأوراقه الخاصة وخططه الخاصة) في صدره!!
لم يفكر أي ممن كانوا حول قرنق أن الرجل كان يحتفظ بأشيائه الخاصة بعيداً عن متناول معاوينه والمحيطين به بدليل أن الرجل (غامر) بالسفر الي كمبالا، دون أن يخطرهم ومن باب أولي دون أن يحيطهم علماً بأجندة لقاء كمبالا وتفاصيله! هذه النقطة المهمة تشير الي أن (تلامذة) قرنق في واقع الأمر لم يكونوا علي دراية تامة بكل ما كان يدور في ذهن زعيهم! وأهمية هذه النقطة أنها كانت تتطلب منهم اجراء مراجعة شاملة للحركة، وخططها واستراتيجيها (ان وجدت)،  لأننا الآن رأينا الحركة وقد دان لها الجنوب كدولة تمزق بعضها تمزيقاً لا مثيل له، وها هي الحركة قطاع الشمال- متأثرة بذات الجينات الوراثية – تمزق بعضها تمزيقاً!! هذا التمزيق ناتج بلا شك عن خلل بنيوي خطير لم ينتبه له التلامذة وربما كان زعيهم يحتفظ (بالشفرة) لديه وحده !!
ثانياً: كان واضحاً- حتي للبسطاء- أن الحركة الشعبية بكاملها جنوبية وقطاع شمال تضم ذات عوامل الحرب بمعني أن الادعاء العريض الذي كانت تطلقه الحركة أن هنالك مناطق لها خصوصية ثقافية!
وأن الجنوب نفسه لديه تباين ثقافي مع شمال السودان وبالطبع لم يكن مفهوماً كيف ستتم معالجة التباين والخصوصية بدليل ان الذين جاءوا بعد قرنق اختاروا أقامة  دولة منفصلة، ولكن الدولة- ذات الخصوصية- لم ينجح في ايجاد التجانس والتواؤم، وها هو قطاع الشمال نفسه يفعل ذات الشئ يضيق بالتجانس ويؤسس لتباين يفصل النوبة عمن سواهم!! .
أذن هي مفارقه، فالحركة التي حملت السلاح من أجل الخصوصية ثم نادت بالسودان الجديد القائم علي التجانس فشلت في الإثنين معاً!!
فائدة هذا الدرس وهذه الموعظة السياسية أن حمل السلاح لأسباب (مناطقيه) أو أثنيه عمل فاشل وهدف لن يتحقق علي الاطلاق!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق