الأربعاء، 26 يوليو 2017

الحزب الشيوعي يؤذن في مالطا

الحزب الشيوعي الذي فاجأ الخرطوم بانقلابه العسكري في 19/يوليو/ 1971م،فاجأته مالطا،التي تعاني الفقر والتهميش الإجتماعي ، في 22/7/1971م بدور خطير في اصطياد قادة الإنقلاب.
حيث وقع في «كمين مالطا» رئيس مجلس الثورة بابكر النور ورفيقه فاروق عثمان حمدالله. لم يكن الحزب الشيوعي حينها ليعرف الكثير أو القليل عن مالطا التي لعبت دوراً مهماً في إسقاط الإنقلاب و تدمير الحزب. كما لا يدري إلى اليوم أبجديات الثقافة المالطيَّة. حيث اللغة الرسمية هي اللغة المالطية. وهي لغة لاتينية خليط من لغات لاتينية أخرى. 
كما أن اللغة الإنجليزية تعتبر لغة رسمية أولى لا تقلّ أهمية عن اللغة المالطية. إستعمرت بريطانيا مالطا . نالت مالطا الإستقلال عن بريطانيا عام 1964م. عملة مالطا هي «الليرة» المالطية ثم أصبحت اليورو بعد انضمامها إلى الإتحاد الأوربي عام 2005م. عاصمة مالطا مدينة «فاليتا». تقع مالطا في قلب البحر الأبيض المتوسط.جغرافياً تقع«مالطا» ضمن القارة الأفريقية . لكنَّها تتبع سياسيَّاً للقارَّة الأوربية. أوربيَّاً تعتبر ايطاليا الدولة الأقرب إلى مالطا. أفريقياً تونس وليبيا هما الأقرب إلى مالطا. جمهورية مالطا عبارة «3»جُزُر،هي «مالطا» و«جوزو» و«كومينو»، بالإضافة إلى جزر غير مأهولة بالسكان، هي جزيرة «كمونا» وجزيرة «فلفلة» وجزيرة «القديس بولس». في «مالطا» كان ضباط مخابرات القذافي في انتظار طائرة الخطوط الجويَّة البريطانية التي تقلّ قادة انقلاب 19/ يوليو. عند وصول الطائرة البريطانية إلى مطار «مالطا»، صعد على ظهرها ضباط المخابرات الليبيَّة، واختطفوها إلى ليبيا. عند هبوط الطائرة المختطفة على الأرض اللييبية، صعد ضباط أمن القذافي إلى داخل الطائرة واعتقلوا بابكر النور وفاروق عثمان حمد الله وأخطأوا الضابط الرائد محمد محجوب عثمان الذي لم يتعرَّفوا عليه. 
تشير روايات إلى أن المخابرات البريطانية «MI6» كان لها دورها في اختطاف بابكر النور وفاروق حمد الله في «عملية مالطا». كما كان هناك دور خطير في الإختطاف لعبه رجل الأعمال البريطاني« تايني رولاند «وهو بريطاني من أصل ألماني. له استثمارات في شرق أفريقيا.أحد مالكي صحيفة «الأوبزرڤر» البريطانية. له علاقات وثيقة بحركات التمرد المسلَّح الأفريقية. لكن أكثر ما يثير الإستغراب، بل الرثاء، أن الحزب الشيوعي السوداني محلِّي التفكير أقدم دون حسابات كافية على انقلاب 19/يوليو و لم يأخذ حذره . حيث لم ير أن في بديهيَّات «الحرب الباردة» لن تقبل لندن بأن تتحوَّل الخرطوم إلى قاعدة روسيَّة. كما لا تقبل واشنطن أن يصبح السودان الإستراتيجي حليفاً مركزيَّاً للإتحاد السوفييتي، فكانت أن أوعزت لحليفتها السعودية بإسقاط الطائرة العراقية في سماء مدينة«جدّة» وهي في طريقها إلى الخرطوم. كانت الطائرة العراقية تحمل طواقم دبابات عراقيين في طريقها لدعم الإنقلاب الشيوعي في السودان، قبل أن يفجرها صاروخ في الجوّ. كما تشير روايات وثيقة أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بها أربعة أعضاء لديهم صلات وثيقة بوكالة«CIA».في مالطا اختطف القذافي كبار قادة انقلاب 19 /يوليو.أحدهما بابكر النور رئيس مجلس الثورة وفاروق حمدالله العقل المفكر لإنقلاب مايو. مالطا جمهورية رمادية . 
ما يدور وراء الستار من جاسوسية أكثر مما تراه العين من السياسة .مالطا حلقة وصل بين قارتي أروبا وأفريقيا. ولذلك اتجهت إليها مبكرة أنظار الدول الغربية التوسعية، وتعرضت لكثير من حملات الإستعمار. فقد غزاها الفينيقيون والرومان والنورمانيون والأراغون والمسلمون والإسبانيون وفرنسا وبريطانيا. يشار إلى أن مالطا أو جمهورية مالطا دولة أوربيَّة كانت تتحدث اللغة العربية حتى العقد الأول من القرن العشرين، قبل أن تزيح السياسة البريطانية اللغة العربية وتستبدلها باللغة الإنجليزية. مالطا هي «فردوس مفقود» آخر. مثلها مثل الفردوس المفقود الآخر «الهند»التي حكمها المسلمون ألف عام، قبل أن تزيحهم بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر. لكن بكاء المسلمون ظلّ وما يزال يدور فقط في فردوس الأندلس المفقود. غياب البُعد الدولي المتكامل وافتقاد الحسابات السياسية الدقيقة،حرم الحزب الشيوعي من إبصار خطورة «مالطا» كمحطة عبور لقادة انقلاب 19/يوليو العسكري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق