الاثنين، 24 يوليو 2017

«الجنائية» ضد الأمم المتحدة

في سياق أزمة الخليج المشتعلة جاءت زيارة «المدعي العام» للمحكمة الجنائية الدولية إلى «الدوحة» بتاريخ الأحد 9/7/2017م. حيث أثارت الزيارة جدلاً دولياً واسعاً بين «المدعي العام» السيدة/ فاتو بنسودا ووسائل الاعلام القطرية جدلاً دولياً واسعاً انتقل إلى شبكة «CNN» الأخبارية الأمريكية.فماهي حقيقة المحكمة الجنائية الدولية التي تحرص على التواجد الدائم في «النقاط الساخنة» في السياسة الدولية . وهل زيارة «المدعي العام» إلى قطر كانت لـ«المجاملة» كما ذكرت «بنسودا». هل التقاء «المدعي العام» للجنائية بأمير قطر ووزير خارجيتها في تلك الأزمة المشتعلة إقليمياً ودولياً كان لـ«المجاملة». ماهي حقيقة المحكمة الجنائية،وما دورها في السياسة الدولية.الإجابة على هذا السؤال تكشف أن «الجنائية» التي ترتدي قناع العدالة،هي آلية سياسية تمثَّل خطراً كبيراً على السياسة الدولية. فهي إحدى منظمات الهيمنة الغربية الجديدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة. «الجنائية» جزء من نظام دولي جديد يعمل خصماً على «النظام الدولي» القديم الذي جاء عقب الحرب الثانية،وكانت الأمم المتحدة إحدى منظماته. لذلك «الجنائية» في حقيقتها هي منظمة «سياسية» ضدّ «الأمم المتحدة» . 
وأن دورها في «الدوحة» تحديداً يخدم تعميق أزمة الخليج وعرقلة الحلّ السياسي. ولتوضيح أن «الجنائية» ضدّ الأمم المتحدة، تجدر الإشارة إلى أنه قبل «72»عاماً في 26/يونيو/ 1945م تمّ في مدينة سان فرانسيسكو توقيع ميثاق الامم المتحدة . حيث تجمعت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية في كاليفورنيا ، لوضع برنامج لمرحلة مابعد الحرب. ولدت الأمم رسمياً بعضوية «51»دولة . الآن يبلغ عدد الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة «192»دولة.لكن كيف تعمل «الجنائية» نقيضاً للأمم المتحدة. على سبيل المثال عندما نطالع أن «المادة الأولى» في ميثاق الأمم المتحدة تختص بتحقيق السلم والأمن العالميين ، يتبادر السؤال هل تحقق «مذكرة المحكمة الجنائية»ذلك الهدف في السودان؟. الأمر البديهي في شأن تلك المذكرة التي قدمتها «الجنائية» ضد رئيس السودان ، هي أنها تمثل تهديداً مباشراً يقوض السلام في السودان، في الجنوب والغرب والشرق ، وتؤدي إلى انهيار بالجملة لاتفاقيات السلام الموقعة في نيفاشا وأسمرا وأبوجا والدوحة. تنصّ«المادة الثانية» في ميثاق الأمم المتحدة على مبدأ أساسي ،وهو أن الدول جميعها تتساوى في السّيادة . ولمنع تدخل دولة في شأن دولة أخرى، نصّت «المادة الثانية» على عدم تدخل دولة في الشئون التي تقع في نطاق السلطة الداخلية لدولة أخرى عضو في الأمم المتحدة . 
 لكن في حالة مذكرة «الجنائية» ضد السودان، يشاهد العالم ارتكاب خرقين صريحين .الخرق الأول أن السودان، وهو دولة ذات سيادة ، قد أحيل إلى «الجنائية»، بينما المحكمة الجنائية ليست جزءاً من الأمم المتحدة. فلماذا تنتهك سيادة السودان بسبب قضية تقع في نطاق السلطة الداخلية لحكومة السودان؟. الخرق الثاني أن رئيس السودان يتمتع بالحصانة الرئيسية التي تكفلها اتفاقية جنيف والقانون الدولي .وهذه القوانين جزء من منظومة قوانين المنظمة الدولية. فلماذا تنتهك«الجنائية» التي ليست جزءا من الأمم المتحدة حصانة ينصّ عليها القانون الدولي والإتفاقيات التي تعتبر جزءا أصيلاً من البنية القانونية للأمم المتحدة. إحالة «السودان» إلى المحكمة «الجنائية» انتهاك لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ، علماً بأن السودان ليس عضواً في تلك المحكمة . وأن تحاكم «الجنائية» دولة ليست عضواً بها يعتبر خرقاً ليس لميثاق الأمم المتحدة ، بل لميثاق روما نفسه الذي تأسست عليه الجنائية.لقد سقطت منظمة«عصبة الأمم» من قبل عندما فقدت ،نتيجة الممارسات غير الراشدة لبعض الدول الكبرى ، مصداقيتها واحترامها ، وأصبحت تخالف ميثاقها . كذلك عندما تمّ توقيع ميثاق الأمم المتحدة في 26/يونيو/ 1945م في مدينة سان فرانسيسكو، كانت الدول الموقعة تتفق على ان احترام ميثاق المنظمة الدولية الوليدة هو الحصانة الوحيدة ضد انهيارها. مذكرة «الجنائية» إذا لم يتم اسقاطها تنذر بتداعياتٍ نهايتها موت الأمم المتحدة ، كما ماتت «عصبة الأمم».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق