الخميس، 27 يوليو 2017

الأسباب الموضوعية لموجة ارتفاع الأسعار في السودان!

لا أحد باستطاعته إنكار ظاهرة الغلاء وارتفاع أسعار السلع و الخدمات المتفشية هذه الأيام في السودان. الظاهرة وثيقة الثلة بمعاناة السودان الاقتصادية و المتصلة بدورها على نحو أو آخر بالعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب التى لت تفرضها الولايات المتحدة على هذا البلد منذ أكثر من 20 عاماً وما تزال تتلكأ في رفعها رفعاً نهائياً.
تأثير العقوبات الاقتصادية على السودان يصعب إنكاره أو التقليل منه، فهو احدث آثاراً سالبة في قطاعات (النقل، السكة حديد ، الطيران ، الخطوط البحرية) لانعدام قطع الغيار، وهذه القطاعات المتأثرة ألقت بظلال سالبة هي الأخرى على مجمل أداء الاقتصادي السوداني وحركة البضائع والسلع من وإلى المناطق المختلفة وتصدير واستيراد السلع.
العقوبات الاقتصادية التى استمرت لهذه المدة الطويلة ألحقت خسائر بالسودان بمليارات الدولارات، إلى جانب تأثيرها النفسي والمعنوي فيما يخص الدواء والدراسات والمنح الدراسية الخارجية لارتباطها بتحويلات الأموال بين المصارف السودانية وتلك العالمية ومصارف وبنوك الدول الأخرى.
ولهذا فإذا أردنا الحديث بموضوعية فإن من الصعب آن يعيش بلد عيشة اقتصادية عادية في ظل عقوبات كهذه تمنع حركة البضائع و الأموال والتحويلات وأيُّ بلد؟ بلد مثل السوداني يعاني من حروب على أطرافه تستهلك موازنة معتبرة مؤامرات دولية تزيد من معاناته؟ ومع ذلك فإن السودان على اية حال تحامل على نفسه و صمد في وجه هذه العواصف القاسية و قلل إلى حد ملحوظ من حروبه الداخلية وحافظ على نحو جيد على أدائه الاقتصادي، إذ أن هذه المعطيات الصعبة التى أوردناها من المستحيل و من النادر للغاية أن ينجو منها بلد، صحيحاً معافى قادر على تضميد جراحه والسير للأمام، إلا ان السودان فعلها، لم يتهاوى أو.يسقط، وقف وقاوم ظروفه وتحدياته وما يزال.
وعلى هذا الأساس وعند النظر إلى ظاهرة الغلاء وارتفاع الأسعار يجب أن نستصحب هذه المعطيات فهي (الخلفية) الضرورية لفهم مآلات الأمور بموضوعية، و مع كل ذلك هناك عوامل أخرى أيضاً ألقت بظلالها على هذه الظاهرة:
أولاً، موجة الغلاء العالمية المعروفة، إذن أن الدورة الاقتصادية في كل العالم هي دورة واحدة تؤثر وتتأثر ، ففي كل مناطق العالم في الوقت الراهن موجة غلاء واضحة بأسباب متفاوتة ولا حاجة لأمثلة ولكن أقرب مثال الشقيقة مصر، والمملكة العربية السعودية .
ثانياً، الممارسات الخاطئة من قبل بعض تجار السوق باتخاذهم للعملات الأجنبية -في حد ذاتها- سلعة قابلة للبيع و الشراء أو ما يعرف بالمضاربات في العملة، هذه المضاربات تعبث بدون مقاييس اقتصادية حقيقة بأسعار العملات و تؤثر على العملة المحلية ومجمل الاقتصاد السوداني عامة. هذه المضاربات المبنية على حسابات عشوائية خاطئة لها الأثر الكبير في رفع أسعار السلع.
ثالثاً، الفهم الخاطئ -بقصد أو بغير قصد- لسياسية التحرير الاقتصادي واتخاذ البعض هذه السياسة ذريعة لفرض أسعار وقيم غير واقعية سواء بدافع الثراء السريع أو مخافة الخسارة.
مجمل هذه العوامل والمعطيات يعطي هذه الصورة الشائهة، وهو أمر يتطلب اتخاذ سياسات اقتصادية أكثر صرامة، أشد جدية لتحاشي التصاعد الناري للأسعار!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق