الاثنين، 24 يوليو 2017

منظمة كفاية.. مأزق الشعبية

في محاولة بائسة من منظمة كفاية الأمريكية لإخراج الحركة الشعبية من مأزقها السياسي والعسكري، أصدرت تقريراً دعت فيه أطراف الحركة الشعبية المتصارعة منذ مارس الماضي إلى وقف القتال وفتح تحقيقات حول القتال بين المجموعتين في جنوب النيل الأزرق، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بالتحري عن تلك الأسباب، والسماح بعبور المساعدات الإنسانية للمتضررين، كما دعت المجتمع الدولي والإقليمي إلى حمل الحركة الشعبية لحل خلافاتها بطرق (سلمية).
تقرير كفاية دس السم في عسل الكلام، ومعلوم العلاقة الوطيدة بين الحركة الشعبية والقائمين على أمر منظمة كفاية الأمريكية، التي تنشط في مناطق النزاعات الأفريقية ولكنها تركز على السودان بخلل في معايير آثار النزاع، لكن تقرير خلافات الحركة الشعبية جاء ما بين إخراج وإحراج الحركة على مأزقها السياسي والعسكري. الخروج من المأزق هو دعوة المنظمة للمجمتع الدولي لتقديم الدعم اللوجستي والإحراج في الاتهامات بانتهاكات في حقوق الإنسان، على خلفية القتال بين الحركتين الشعبيتين في النيل الأزرق في مايو الماضي.
إن توصية منظمة كفاية الأمريكية للمجتمع الدولي والإقليمي الفاعلة في التسوية السياسية في النزاع بتقديم الدعم اللوجستي (للحركة الشعبية) عند الطلب والسماح بعقد المؤتمر العام، تشكك في حياد المنظمة بين فرقاء الحركة الشعبية، وهي توصية تقفز على الأمر الواقع بعد انقسام الحركتين وانخراط جناح عبد العزيز الحلو في ترتيب داخلها ما بعد الانقسام والانقلاب. وتجدر الإشارة إلى أن دعوة المؤتمر العام الذي يعد قضية مركزية في نشوب الخلاف بعد اتهامات وتشكيك مجلس تحرير النوبة لرئاسة الحركة الشعبية قبل الانشقاق بتعطيل المؤتمر العام، كما أن طرح المؤتمر تتبناه مجموعة مالك عقار كخيار يبعد مجلس تحرير النوبة والحلو من السيطرة على الحركة. وعلى ما يبدو من هذه التوصية أن كفاية تقف إلى صف مجموعة عقار وعرمان لاعتبارات من بينها أن قيادات المجموعة تمسك بملفات التنسيق مع منظمات المجتمع المدني الدولي، وتمسك أيضاً بالملف السياسي للحركة وأطروحتها السياسية من السودان الجديد والتحالفات مع قوى المعارضة السلمية، وتبني الحل القومي، وما تفتقده هذه المجموعة هو الملف العسكري والأرض، وعلى هذه المعادلة تحاول كفاية من خلال استدعاء حقوق الإنسان واللجوء إلى تسوية (سلمية) لمعالجة الانشقاق تلميحات بفرض ضغوط على مجموعة (الحلو) النافذة عسكريا.
دعوة كفاية لفتح تحقيقات حول حقوق الإنسان بعد معارك بين أجنحة الحركة الشعبية ولأول مرة تنتقد المنظمة انتهاكات حقوق الإنسان داخل الحركة، حيث غضت كفاية الطرف عن انتهاكات الحركة الشعبية على مدى ست سنوات مع الحكومة وتشريد المواطنين ونهب ممتلكاتهم، ولكنها أقرت بهذا الجرم حينما وصلت آثار الحرب إلى المحاربين الأصدقاء، وكذلك غضت الطرف عن الدفع والإسهام في التسوية السياسية في منابر التفاوض، وتدعو إلى سلمية التسوية بين أمراء الحرب الذين صعدوا إلى المشهد السياسي في السودان بقوة السلاح والعنف، فهل تستطيع كفاية تفكيك امتيازات عنف الحركة الشعبية وتحويلها إلى كيان سلمي؟ لا أظنها تستطيع إلى ذلك سبيلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق