الاثنين، 24 يوليو 2017

الاستراتيجية التى اتبعها السودان لاسترداد حقوقه من واشنطن

فرغ السودان عملياً من إكمال إستراتيجيته المحكمة لاسترداد حقوقه السليبة لدى الولايات المتحدة الامريكية والمتمثلة فى رفع العقوبات الاقتصادية الظالمة التى امتدت لما يجاوز الربع قرن، ورفع إسمه من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ولمن أتيح له متابعة هذا الملف الشائك بموضوعية وعن كثب، فإن السودان اختط لنفسه إستراتيجية كان اكبر دليل على فعاليتها حصوله على جداول زمنية محددة بدأت بـ6 أشهر في عهد أوباما، وانتهت الآن بـ3 أشهر في عهد الرئيس ترامب!
هذه الجداول الزمنية بغض النظر عن مآلاتها، باتت بمثابة (قيد زمني) في أرجل الإدارة الامريكية وصار يتعين على الدولة العظمى ان تفي بالتزاماتها. فما هي طبيعة الاستراتيجية التى اتبعها السودان لاسترداد حقوقه؟
 أولاً، الوفاء بالتزاماته المحلية والإقليمية والدولية. فمنذ إبرام اتفاقية السلام الشاملة التى انهت الحرب الأهلية الطويلة بين الشمال والجنوب في نيفاشا 2005 أعطى السودان -من حر إرادته السياسية- كل ما هو مطلوب منه لإعادة الاستقرار للمنطقة، التزم ببنود الاتفاقية حتى أفضت إلى قيام دولة جنوب السودان وفق الجداول الزمنية التى وضعت في الاتفاقية.
 ولعل اكبر دليل على ان السودان كان يقدم بالفعل خدمة دولية لاستقرار وأمن المنطقة وإنهاء الحرب، أن الولايات المتحدة وعقب التوقيع على الاتفاق وعدته برفع العقوبات، ثم لما اشرف السودان على تقرير مصير الجنوب ومنح الجنوب دولته عادت واشنطن أيضاً لتجديد وعودها.
 المهم هنا -غض النظر عن تنصلات واشنطن ان السودان أوفى بالتزام إقليمي ودولي جدير بالاحترام، انهي حرباً طويلة، منح حقاً لتقرير مصير والتزم بإكمال كل بنوده. إذن كانت تلك واحدة من أهم استراتيجيات السودان لتأكيد وفائه بما يلتزم به ولا شيء في علم العلاقات الدولية يرفع من قيمة أي دولة ويرسخ الثقة فها مثل الوفاء بالالتزامات الدولية.
ثانياً، اتخذ السودان لنفسه دوراً محورياً فاعلاً في معالجة قضايا الإقليم في المنطقة، خاصة الأوضاع التى تفاقمت في دولة الجنوب، فقام بمحاولات عديدة لمساعدة الدولة الوليدة على النهوض والوقوف علي قدميها، وفي هذا الصدد عقدت القيادة السودانية عشرات القمم و اللقاءات مع القيادة الجنوبية لتصفية القضايا التي خلفها الانفصال (الحدود، القضايا الأمنية، وقضية جيش الرب، قضية تصدير البترول... ألخ) وهذه جميعها قضايا مهمة لاستقرار ونهوض دولة الجنوب ولم يكن من أدنى شك ان السودان أبلى فيها بلاءاً حسناً، بدليل ان جيش الرب قد خفت صوته، وان واشنطن حين وضعته كبند ضمن المطلوبات الـ5 مؤخراً لم يكن هناك أثراً لجيش الرب.
ثالثاُ،/ اتخذ السودان إستراتيجية شاملة لوقف العنف في إقليم دارفور، عانى الأمرين في هذا الصدد ولكنه نجح في إخراج الحركات المسلحة من ميدان القتال مهزومة مدحورة لتصبح قوى مرتزقة فى دول الجوار، ثم ثابر السودان على اتفاقية الدوحة 2012م، لإحلال السلام في دارفور وبمعاونة دولة قطر استطاع ان يعيد الاستقرار الى الاقليم وينشئ مشروعات تنموية و خدمية ومن المعروف ان اكبر دليل على نجاح السودان في حل أزمة دارفور، إقرار مجلس الأمن مؤخراً وبالإجماع ان أعمال العنف والتردي الأمني في دارفور قد تراجع بما يمكن معه إقرار إستراتيجية خروج قوات حفظ السلام (اليوناميد) و إعتماد مجلس الامن -وفق قرار- إستراتيجية تقضي بتخفيض قوات اليوناميد خلال عام واحد إلى 50% هذه في واقع الأمر ترجمة عملية لقيام السودان بدوره في وقف الصراع في دارفور وهي واحدة من المآخذ التى كانت تؤخذ عليه.
رابعاً، تعاون السودان –بشهادة واشنطن نفسها– تعاوناً عملياً فاعلاً في الحد من الأنشطة الإرهابية في المنطقة، السودان فعل ذلك متبعاً ذات الاستراتيجية وهي الوفاء بالتزاماته المحلية والإقليمية و الدولية. مجمل الأمر ان السودان وطوال الأعوام التى تلت اتفاقية السلام الشاملة ظل  متبعاً لإستراتيجية من صميم مصالحه وإرادته السياسية أهلته في خاتمة المطاف ليصبح دولة مؤثرة في المنطقة، ولهذا فحين قرر مؤخراً وقف او تجميد لجنة التفاوض مع واشنطن بشأن رفع العقوبات، فعل ذلك ليس غضباً ولكن ليؤكد لها انه لم يترك ما يصلح للتفاوض، وأنه حين فعل ذلك كان يتفاوض عبر اللجنة ولم يكن ليفعل أكثر من (تذكير) واشنطن فقط بما فعله وليس بما هو مطلوب منه الآن أن يفعله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق