الثلاثاء، 25 يوليو 2017

إعادة قراءة لوثيقة أمريكية تلمح برفع العقوبات!

على الرغم من إن هذه القراءة لخطاب القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم السيد (استيفن كوتيكس) بمناسبة عيد بلاده الوطني الثلاثاء 4 يوليو 2017 ربما جاءت متأخرة بالنظر إلى قرار الإدارة الامريكية الصادر في 12 يوليو 2017 القاضي بتمديد مهلة رفع العقوبات عن السودان، جعل الخطاب خارج السياق الزمني للأحداث، إلا أنه وعلى العكس تماماً فإن إعادة قراءة هذا الخطاب بتأني وبتركيز تعطي مؤشرات ودلالات ايجابية عن إمكانية رفع العقوبات في المستقبل القريب.
من الفقرات المهمة، التى لا يمكن اعتبارها مجرد حديث دبلوماسي وصيغت بدبلوماسية عابرة الفقرة التى يقول فيها القائم بالأعمال (أنا أعلم أن كل واحد منكم يأمل في إعلان هذا المساء. كل ما يمكنني قوله هو أنا جميعاً ننتظر قرار الرئيس ترامب في 12 يوليو، لذا يرجى عدم  التنبؤ بالمستقبل او قراءة الفنجان أو لغة جسدي. لا أعتقد إن هناك أي شخص يريد أن يعيد عقارب الساعة، إن التقدم في علاقاتنا حقيقي، ونريد ان يستمر هذا الزخم الايجابي).
والعبارة التى يمكن استلهام مؤشرات ايجابية منها هي العبارة الأخيرة الموحية بالكثير (لا اعتقد ان هناك أي شخص يريد ان يعيد عقارب الساعة ، ان التقدم في علاقاتنا حقيقي). هذه العبارة الأخيرة يمكن ان يستشف منها:
أولاً، ان واشنطن لا تريد على الأقل العودة إلى التجاذبات المجهولة المتأرجحة في علاقات البلدين، وهي على الأقل تريد ان تمضي إلى الأمام، والمضي إلى الأمام عادة يستلزم معطيات وعناصر سياسية جدية.
ثانياً، لان مؤدى (عدم وجود شخص) هكذا على الإطلاق يريد إعادة عقارب الساعة معناه أيضاً على اقل تقدير وجود رغبة و إرادة سياسية لنقل قضية العقوبات من مربعها الغامض إلى مربع مضيء فيه واجبات واضحة والتزامات أوضح.
ثم يشير الخطاب في الفقرة التى تليها إلى أن السودان (أظهر انه شريك في حل القضايا الإقليمية واتخذت خطوات موثقة نحو السلام) . هذه العبارة فيها إقرار صريح باستيفاء السودان للمطلوبات الامريكية وان اختصرها الخطاب في الشراكة الإقليمية واتخاذ خطوات موثقة للسلام، ففي المحصلة النهائية فإن واشنطن أقرت بجدية السودان في الوفاء بالتزاماته.
وإذا انتقلنا من هذه النقاط عميقة الدلالة التى يصعب القول إنها مجرد عبارات مراسمية دبلوماسية لطالما حوت إقرار مباشر  ضمني عن التزامات السودان الدولية والإقليمية إلى نقاط أخرى لها أبعاد أخرى، فإن الخطاب تحدث بصراحة عن شهية الشركات الامريكية ورغبتها الجامحة في الاستثمار في السودان وهذا بدا واضحاً في قول القائم الأعمال في فقرة أخرى (آمل ان تكونوا استطعتم زيارة بعض الشركات التى تبيع المنتجات أو الخدمات الامريكية، هذا هو تمثيل صغير من العديد من الشركات الامريكية، وغيرها من الشركات الدولية حريصة على الاستثمار وبيع السلع والخدمات هنا في السودان، ونحن نتطلع إلى زيادة هذه الأرقام، حيث تواصل الحكومة تقدمها مما يجعل السودان مكاناً أفضل للقيام بأعمال تجارية).
من المؤكد ان خطاب القائم بالأعمال عن الشركات الامريكية والاستثمار وكون السودان (مكاناً أفضل للقيام بأعمال تجارية) هو بمثابة تعبير عن رغبة واضحة في رفع هذه العقوبات على الأقل لإتاحة الفرصة للشركات الامريكية للاستثمار في السودان.
لا شك إن هذه الدلالات الإيحائية والمؤشرات المبطنة الواردة في خطا القائم بالأعمال الامريكية بالخرطوم -حتى قبل حلول الثاني عشر من يوليو 2017- تعطي قدراً جيداً من القرائن على أن واشنطن قد عقدت العزم فعلاً على رفع العقوبات عن السودان، أو على الأقل ما زالت تبحث عن الطريقة المناسبة والوقت المناسب وتلك أمور متروكة لها، ولكنها ليست حرة فيها بالكامل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق