الثلاثاء، 25 يوليو 2017

“مع ورقيني قيبو”

نهار الأمس، اضطر وزير خارجية دولة إثيوبيا، ورقيني قيبو، لتعطيل الطائرة المتجهة من العاصمة أديس أبابا إلى جوبا من أجل الإجابة على أسئلة الخرطوم. في صالة كبار الزوار الملحقة بمطار أديس الدولي، جلس قيبو أمام عدد من الصحافيين السودانيين الموجودين حالياً بعاصمة بلاده من أجل الإجابة على تساؤلات ظلت حاضرة في المشهد الإقليمي، وفي المشهد الثنائي بين الخرطوم وأديس أبابا متدثرا بما يمكن تسميته دبلوماسية (المحبة). يؤكد وزير الخارجية الإثيوبي على أن العلاقة بين الخرطوم وأديس لن يعكر صفوها شيء، وأنها ستمضي في طريق تحقيق الغايات المشتركة للشعب الواحد في الدولتين، بحسب تعبيره.
إمكانية عودة الاستقرار لدولة جنوب السودان ومستقبل علاقات التواصل الاقتصادي بين السودان وإثيوبيا وإمكانية تجاوز الاختلافات حول ترسيم الحدود في منطقة الفشقة السودانية والدور المنتظر من إثيوبيا من أجل المساهمة في قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن الخرطوم وما يتعلق باجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الخرطوم وأديس أبابا ومستقبل المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال، عقب انقسام الأخيرة وقضايا أخرى كانت حاضرة في إفادات وزير الخارجية الإثيوبية تطالعونها في الحروف القادمة.
السلام بالجنوب
في إجابته على مستقبل الاستقرار في دولة جنوب السودان ولأي مدى يمكن أن يساهم الحراك الإقليمي في وضع نهاية لمعاناة شعب دولة جنوب السودان. يقول ورقيني: “إن الأمر رهين وبشكل أساسي لمدى استجابة الأطراف المتنازعة في جوبا بمخرجات وقرارات الإيقاد”، وكشف أن الاجتماعات التي سيتم عقدها في جوبا بحضور وزراء خارجية الإيقاد مع الرئيس سلفاكير ميارديت تحاول أن تبحث وبشكل جاد إمكانية الوصول إلى تسوية جنوبية وإنهاء النزاع هناك. ويحدد رئيس وزراء حكومة الإيقاد أجندة الزيارة في عدد من الاجتماعات تهدف بشكل رئيس لتحقيق الاستقرار في جوبا وبمشاركة من كل مكونات المنظومة، ومن ثم يكمل سنوقع وستصلكم الأخبار.
انشقاقات الحركة الشعبية والسلام في السودان
في ما يتعلق بمستقبل المفاوضات بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال، التي تستضيفها إثيوبيا عقب التغيرات والانشقاق الذي ضرب الحركة الشعبية، يقول وزير خارجية إثيوبيا عن دور بلاده في هذا الأمر إن سياستهم المعلنة هي عدم التدخل في شؤون الآخرين، ويؤكد على أن ما يحدث الآن هو في الأساس شأن داخلي وعلى السودانيين إيجاد حلول ناجعة لمشكلاتهم، وأن ما يحدث الآن وفقاً لرؤية الحكومة الإثيوبية تعبير عن أزمة داخلية يجب أن تتم معالجتها بواسطة أصحابها أنفسهم.
بالنسبة له، فإن السودانيين يمتلكون المقدرة على تجاوز مثل هذه المشكلات، ويشير الوزير إلى المبادرة التي قال إنها تمثل نصف الطريق للوصول إلى التسوية، وتتعلق بإعلان الرئيس البشير استعداده للتفاوض مع معارضيه من خلال الحوار الوطني. وأن موقف إثيوبيا هو عدم التدخل في ما يجري الآن إلا في حال طلبت منها الأطراف القيام بهذا التدخل، فهي ستكون في كامل الاستعداد للمساهمة في تحقيق الاستقرار السوداني ودون تأخير.
المعضلة ليست معضلة
في الإجابة على السؤال الخاص بالتأخير في مسألة ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا، وهو الأمر المرتبط بتمدد المجموعات الإثيوبية في أراضي الفشقة السودانية، وهو ما اعتبر نقطة ضعف في العلاقات بين الجارتين، يقول وزير الخارجية الإثيوبي إن الخلاف حول الحدود هو أمر يظهر بين أي دولتين متجاورتين ولا تمثل الحالة في الفشقة استثناء الذي يظهر في تطور علاقات البلدين حاليا وهو أمر من شأنه أن يسهم إيجابياً في الوصول إلى حلول مرضية للطرفين تساهم في زيادة أواصر التعاون بينهما، ويقول الوزير إن اجتماعات اللجان الخاصة بترسيم الحدود مستمرة في الانعقاد وبشكل دوري، ولن تكون لها آثار سالبة على علاقات البلدين، خصوصاً بين حكام الولايات الحدودية، ولم يستبعد أن يلجأ الطرفان للحل السياسي في ترسيم الحدود التي لن تشكل عائقاً أمام العلاقات الإيجابية بين الدولتين التي ستستمر في تطورها الإيجابي من أجل تحقيق مصالح الشعوب.
سكة حديد المتمة بورتسودان
كان السؤال المتعلق بالتأخر في إنجاز مشروعات مشتركة بين الخرطوم وإثيوبيا حاضراً، وتعلق هذه المرة بتأخر مد خط سكة حديد الرابط بين المتمة الإثيوبية وبورتسودان، في وقت بدأت الرحلات يتم تسييرها بين أديس أبابا وجيبوتي؟ في إجابته على تأخر المشاريع التي من شأنها خدمة شعبي البلدين، يقول وزير الخارجية إن السودان ليس مجرد دولة جارة وإنما شقيقة تقاسمنا معاً الحلوة والمرة، وما يزال يجيب الرجل بأن لديهم عدداً من الخطط التي سيقومون بتنفيذها في المستقبل القريب، نحن نعلم أن التجارة في الحدود ليست على ما يرام، ولكن هذه الأمور يمكن التغلب عليها، ونحن في إثيوبيا لا نملك خطا بريا رابطا عبر البصات إلا مع السودان، وهو ما يؤكد على عمق العلاقات بين البلدين. وعن مشروع مد السكة حديد فسيتم قريباً خصوصاً وأن إثيوبيا تملك منطقة خاصة بها في ميناء بورتسودان.
تمديد العقوبات الأمريكية والدور الإثيوبي
في إجابته على السؤال المتعلق بدور إثيوبيا ومساهمتها في فك العزلة المفروضة على السودان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، كشف الوزير عن مساهمة دولته في هذا الأمر منذ عهد الرئيس السابق أوباما، وقال إنهم يرون أن العقوبات على السودان هي عقوبات على إثيوبيا، وأكمل أن دولته ستبذل قصارى جهدها من أجل إصدار قرار نهائي برفع العقوبات عن السودان، وهو أمر تحتمه عليهم وحدة المواقف مع السودان، في ما يتعلق بمجريات العلاقات الخارجية. منذ فترة طويلة تحدثنا عن ضرورة رفع العقوبات ولم نترك فرصة في هذا الاتجاه إلا وحاولنا أن ننتهزها من أجل هذا المطلب، وموقفنا الثابت أن العقوبات يتضرر منها الشعب السوداني أولاً وأخيراً. ففي زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية طالبت بقرار فوري برفع العقوبات، وجاء قرار التمديد لثلاثة أشهر وسنمضي من أجل الرفع النهائي لها في أكتوبر.
دبلوماسية تبادل القنصليات
وفي ما يتعلق بالقرارات الأخيرة بفتح قنصليات سودانية في المدن الإثيوبية، تقابلها قنصليات إثيوبية بالمدن السودانية ومدى تأثير ذلك على زيادة حجم التبادل والتواصل، يقول الرجل إن هذا الأمر تأكيد آخر على عمق العلاقات وعلى الرغبة الحقيقية في توظيفه لما يخدم المصلحة العامة، وعلاقة السودان بنا لا تشبه علاقته بالآخرين، وكذلك الأمر بالنسبة لنا وجود عدد من القبائل المشتركة على الحدود والثقافة أيضاً.. هذه المشتركات التي أدت لضرورة قيام هذه القنصليات، هي نفسها التي ستقودها في نهاية المطاف لتحقيق الأهداف المشتركة في حياة سعيدة للجميع.
التكامل المنتظر
ينتظر الاقتصاديون في كل من السودان وإثيوبيا حلولاً يومي السادس والسابع والعشرين من هذا الشهر، وهو التاريخ المحدد لعقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين. ويقول (قيبو) عن ترتيباتهم لعقد هذا الاجتماع وما يمكن أن تترتب عليه من نتائج، إن الأمر يرتبط بشكل كبير بالتعمق في العلاقات السياسية، وهو تعمق من شأنه أن يساهم في كافة الاتجاهات الأخرى بما فيها عملية تحقيق التكامل الاقتصادي، وذلك من خلال العمل المشترك بين اللجان التي تكونت، حيث يرأس الجانب السوداني نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن، ومن الجانب الإثيوبي وزير الاتصالات وعمل هذه اللجان يسير بشكل سلس، ونحن من جانبنا في كامل الاستعداد للاستجابة لأي طلب من الإخوة السودانيين في هذا الجانب أو في أي جانب آخر، وأنا في كامل الثقة بأن الاجتماع القادم الذي ستستضيفه الخرطوم سيخرج بنتائج مثمرة لصالح البلدين، وسيجعلنا نواصل في مسيرة تحقيق الأهداف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق