الأربعاء، 26 يوليو 2017

حروب الأسافير : البرمجيات الخبيثة

أصبح الفضاء «السايبر» مشحوناً بالمعلومات والوثائق ، وارتباط حياة الناس واسرارهم بين طيات هذا العالم ، تحمله خوادم أجهزة كمبيوتر مترابطة وشبكات متعددة ، وفي الخفايا والكواليس تدور معارك ومنافسات واسعة وشديدة البأس ، ومن بين الحين والاخر نستشعر بعضا من تأثيرها في مواقع مؤسسات ووزارات وجهات خدمات ، والحقيقة إنها حروب فعلية ، وهجمات الكترونية شديدة الخطورة وواسعة التأثير والفاعلية وقد تنتهي الى حرب نووية اذا استطاع احدهم الوصول الى شفرات السلاح النووي الامريكي او الروسي ، او أي جهة أخرى ، تلك الصورة القصوى لهذه الحروب ، اما الصورة الاكثر عمومية هى السيطرة على معلومات ووثائق مهمة واتصالات دبلوماسية ، مثلما حدث في تسريب وثائق ويكيليكس وما سببه من حرج عالمي للولايات المتحدة الامريكية وللكثير من دول العالم ، ومثلما حدث لحسابات بنكية مشفرة ، ولذلك اهتمت الاستخبارات الكبرى بتأمين مصادر المعلومات وتبادل الخبرات وتعزيز القدرات ، مثلما اهتمت بالبحث عن الثغرات ونقاط الضعف في الشركات ، واتسع مفهوم «الهاكرز » أو المخترق ، بالقبعة البيضاء او القبعة السوداء.
في التعريف الذي تقدمه الموسوعة الإلكترونية المفتوحة «ويكيبيديا» يعرف الهاكرز بأنهم «مجموعة من المبرمجين الأذكياء الذين كانوا يتحدون الأنظمة المختلفة ويحاولون اقتحامها، وليس بالضرورة أن يكون في نيتهم ارتكاب جريمة أو حتى جنحة، ولكن نجاحهم في الاختراق يعتبر نجاحا لقدراتهم ومهاراتهم».
و «الهاكرز» ليس مجرد فتية يقومون باختراق المواقع والشبكات متسببين بالأذى والخسائر المادية والأمنية والمعنوية،بل هم «قراصنة» يقومون بجانب تشويههم صورة مؤسسات كبرى وعالمية جراء هزيمتها أو عجزها عن صد هجمات ينفذها افراد يستغلون الثغرات والغفلة لاحداث ضرر هائل ، وشكل اخر فيروس وعملية قرصنة صدمة عالمية حيث تحول الى طلب «فدية » لتحرير المعلومات يتلقاها من خلال نظم دفع معقدة يصعب تتبعها والوصول اليها وعليه فان القرصنة لم تعد محركا حقيقيا للإبداع التكنولوجي ، وانما اكثر من ذلك للحصول على معلومات ووثائق ، ان السلوك الذي بدأ في بدايته انحرافا لمراهقين شغوفين بالتكنولوجيا ، تحول الى حرب بين الدول ، «تهدد منشآت حيوية كالمفاعلات النووية ومحطات الكهرباء كما تدمر المخزونات النقدية لبنوك ودول وتهتك أسرارا لا يراد لها الخروج إلى العلن».
في مايو الماضي استهدفت عملية قرصنة أكثر من مئتي ألفي ضحية في نحو 150 دولة تعرضوا لهجوم من نوع «طلب الفدية» باستخدام فيروس يدعى «اريد البكاء » ، «Wanna Cry »
واستطاع خلال ساعات محدودة السيطرة على معلومات مهمة مؤثرة في بنوك وتغلغل في خوادم اتصالات وسيطر على شركات اتصال كما حدث في روسيا ، وحصل على وثائق خاصة بانظمة الصحة في بريطانيا ، انها حرب في غاية الخطورة تسيطر عليها وتسود فيها البرمجيات الخبيثة وتؤثر على الكثير من الخدمات وحركة الحياة والناس والمجتمع وتخترق خصوصياتهم وقد تسرق المدخرات من الحسابات البنكية.
.. ان القرصنة جزء من معركة كبيرة تسمى «حرب المعلومات وتستخدم نظم المعلومات لاستغلال وتخريب وتدمير وتعطيل معلومات الدول وعملياتها المبنية على المعلومات ونظم معلوماتها وشبكات الحاسب الآلي الخاصة بها، وكذلك حماية ما لديها من كل ذلك من هجوم الخصم، لإحراز السبق، والتقدم على نظمه العسكرية والاقتصادية. من الممكن أن تحدث هذه الحرب على مستوى الأشخاص، الشركات، أو على مستوى عالمي» ، ومن بين آليات حرب المعلومات «الحرب الالكترونية – أي القرصنة – والحرب النفسية – اطلاق الشائعات وبث المعلومات » ، ولذلك فان الدول تهتم بالمعلومات والبيانات ، ليس من باب اصلاح وتسهيل الخدمات وانما من منطلق أمني قومي .
ويتطلب ذلك بالتأكيد ، الاستثمار في خبراء التقنيات وزيادة الكفاءة وفي توطين التقنية ، وذلك حديث يطول ، فهذه حرب مستمرة ومتجددة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق