الأربعاء، 24 مايو 2017

شرق دارفور.. الحقائق واضحة

هناك لحظة محددة هي لحظة الحقيقة البائنة بيان الشمس في وضح النهار، نلاحظ أنه في تلك اللحظة دائماً يختفي ذلك الصوت النشاز الذي يخرج علينا متنافخاً فقط حين تلتبس الأمور ويكثر الضباب وتتاح فرصة الجدل حول صحة نوايا مصر تجاه السودان فتخرج مدفعية العملاء لترمي أقلام البلد الشريفة بالسباب واللعنات وتصفها بأنها أقلام مؤزمة ومأزومة.
لا نسمع لأمثال هؤلاء العملاء صوتاً أو نرى لهم موقفاً أو نقرأ لهم تحليلاً أميناً حول تورط المخابرات المصرية في دعم هجوم شرق دارفور الذي نفذته مليشيات التمرد والحركات المسلحة أول أمس انطلاقاً من داخل حدود جنوب السودان وليبيا بالتزامن والتخطيط والتنسيق الأكبر من مستوى إمكانياتهم العسكرية.
لماذا تتعطل عند تلك الأقلام والألسنة السياسية كل قدرات التحليل المهولة التي يحدثون بها قراءهم وأنصارهم ويشهدون بها لأنفسهم.. حين يكون الموقف لا يحتمل الجدل والغلاط.
غياب الأمانة في التحليل والتنوير وفي تقديم الموقف السليم بالشجاعة المطلوبة هو مؤشر قاطع بوجود مصلحة أخرى أكبر من مصلحة الوطن هي التي تعبئ أنابيب أقلامهم بالحبر السام..
هذه الأنظمة متورطة بوضوح في الجريمة فكيف تقبل أو يقبل أي كاتب أو سياسي لديه ذرة كرامة لنفسه أن يتجاوز أو يتغافل معلومات أكيدة بخصوص عدوان مسلح على البلد قادم من داخل حدود دول أخرى نظمته ومولته وسلحته عدة وعتاداً ولا يقدم إدانته الصريحة لهذا العمل ولمن قاموا بتنفيذه فيختار الصمت أو يمارس التنظير والفلسفة وتمييع القضية والبحث عن مبررات سياسية لهؤلاء أو أولئك؟.
القضية ليست جدلا كرويا بين هلالاب ومريخاب.. حتى يكون التعصب الأعمى مبرراً ويكون الإنكار للحقيقة دليلاً على قوة الإخلاص والوفاء لشعار الفريق الذي تنتمي اليه وتدافع عنه بمنطق وبلا منطق ..
القضية ليست (عبثاً وفراغاً وقلة شغلة).. بل مسؤولية وطنية وأخلاقية ومهنية أيضاً..
نريد أن نرى سياسيين نحترمهم.. ونحترم مواقفهم الوطنية.. نريد كتاباً كبار في مواقفهم، نحترم أقلامهم باحترامهم لأنفسهم وتقديم مواقف محترمة أمينة ونزيهة ومبرأة من شبهة المصالح.
من المستفيد من أحداث شرق دارفور في صناعة بلبلة إعلامية ترافق قيام القمة الإسلامية الأمريكية لإثبات انعدام الأمن في دارفور؟..
من الذي يعمل الآن للابقاء على العقوبات الأمريكية ومحاولة قطع الطريق أمام قرار رفع العقوبات نهائياً والمفترض أن يتم بعد شهر واحد؟..
هناك حقائق تقتضي من الجميع أن يقدموا مواقفهم حيالها بشكل واضح ومن منطلقات مبدئية.. أولها احتضان دولة جنوب السودان للحركات المسلحة وتقديم الرعاية الكاملة لهم. وثانيها مد حفتر للتمرد السوداني بالتسليح، أما ثالثها فهو تورط النظام المصري وأجهزته الاستخبارية في العدوان المسلح على البلاد من خلال الدعم الخلفي لأحداث شرق دارفور الأخيرة وهذه الحقيقة لو تناطح حولها كبشان فإن أحدهما بالتأكيد سيكون عميلاً مصرياً يريد أن يضلل الطريق إلى الحقيقة المفضوحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق