الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

المؤتمر الوطني هل نجح في إجتياز امتحان القدرات؟

بصرف النظر عن مآلات عملية اختيار وتسمية المرشح الرئاسي لحزب المؤتمر الوطني، بعد أن أقر المكتب القيادي للحزب (5 مرشحين) تاركاً اختيار آخر لمجلس الشورى ليقرر بعده المؤتمر العام للحزب مرشحه النهائي، فإن المتأمل فى هذا الحراك التنظيمي داخل الحزب لابد أن تستوقفه جملة مؤشرات موضوعية مهمة.
أولها: أن الوطني وتحت مسمع ومرأى الكل وطوال عام كامل ظل يمارس نشاطه الديمقراطي الداخلي بسلاسة شديدة إذ ليس من السهل -نظرياً وعملياً- أن ينجح حزب في عقد 28 ألف مؤتمر أساس في  شتى أرجاء السودان بحيث يستع الماعون التنظيمي للحزب لكل قواعده لكي يدلوا بدلوهم، ويرفعون رؤاهم وتصوراتهم ويصعِّدون من يرون أنهم أهل ذلك.
عقد مؤتمرات أساس بهذه الكثافة وبهذه الكفاءة أمر جدير بالاهتمام خاصة وأن واحدة من كبريات إشكالات العمل الحزبي فى السودان الخلافات السياسية والتشرذمات التي عادة ما تقعد بأي حزب وتحيله إلى كسيح مقعد. ولمن أرد أن يأخذ الأنموذج فليتأمل فى تجربة حزب الأمة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي إذ أن الأمة القومي وحتى هذه اللحظة لا يعرف من هو أمينه العام ومن هو رئيس هيئته المركزية ولماذا ما يزال هناك فصيل من داخل الحزب يطلق عليه التيار، ولماذا ما يزال أمينه العام إبراهيم الأمين فى حركة ماكوكية بين بعض أنصاره وبعض أنصار المهدي؟ إذن بمقايسة أوضاع النشاط الحزبي عامة فى السودان فإن الوطني بلا شك نجح فى عقد مؤتمراته الأساسية نجاحاً منقطع النظير.
ثانيهما: المؤتمر الوطني وطوال العام الذي ظل يحضر فيه لمؤتمره العام كان فى ذات الوقت يجري عملية إصلاح وتجديد لقياداته، وقد رأينا كيف خرجت قيادات تاريخية كبيرة مفسحة المجال لجيل شاب قادم وهي أيضاً أمور إستراتيجية نادرة الحدوث فى واقع الممارسة السياسية الحزبية فى السودان إذ يكفي هنا -للتدليل فقط- استدعاء نموذجَيّ المهدي والميرغني باعتبارهما زعماء أكبر حزبين تاريخيين فى السودان، إذ لا يزال حتى اللحظة هما بمثابة (كل شيء) فى حزبيهما.
الوطني هنا وضع المثال لعملية الممارسة الحزبية دون أن يطالبه أحد أو يضغط عليه، ودون أن يفضي ذلك إلى عراك وخلافات تعصف ببنية الحزب، ومن ثم فهو بهذه الممارسة ومهم أخذ البعض عليه المآخذ أعطى القدوة والمثال ولم يستطع أعتى خصومه أن يشكك فى ذلك.
ثالثهما: بدا واضحاً –وبعكس ما ظل البعض يشيع– أن الوطني ونظراً لقوة بنائه التنظيمي اقدر على رفد الساحة السياسية بقيادات سياسية من أخمص قدميّ التنظيم إلى قمته. وليس أدل على ذلك من أن المكتب القيادي للحزب استطاع -وفى غضون سويعات قليلة- ترشيح 5 قيادات لتكون فى طاولة مجلس شورى الحزب والذي نجح هو الآخر فى ذات الوقت وبذات الكيفية فى الدفع بمرشحيه إلى المؤتمر العام.
هذا التطور اللافت أثبت بجلاء أن الحزب له مستودع زاخر بالقيادات القادرة على سد الثغرة من جهة، والقادرة على نيل ثقة الحزب دون تردد من جهة أخرى. وسواء كان البعض يتشكك فى كل ما قام به الوطني داخل بيته أو يثمنها فإن الأمر الأكثر مدعاة للإهتمام أن الوطني وطيلة هذه المؤتمرات والاجتماعات أعطى الدرس البليغ فى كيفية ممارسة الديمقراطية داخل الكيان الواحد إذ أن مما قد يجهله الكثيرون و تسنّى لـ(سودان سفاري) مطالعته والوقوف عليه من قرب أن الممارسة الديمقراطية كانت حاضرة  بقوة، تارة فى صورة ممارسة شورية تنتهي بالتصويت المسئول؛ وتارة أخرى فى صورة ديمقراطية توافقيه تشي عن شعور عميق بالمسئولية وتدفع قادة الحزب دفعاً للحرص على المحافظ على قواعد الممارسة وترسيخها في عملية الاختيار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق