الخميس، 23 أكتوبر 2014

مطالبات المبعوثين الدوليين بدعم السودان.. هل يستجيب المجتمع الدولي؟

بخلاف المعهود أطلق أمس الأول مبعوثان دوليان نداء إلى المجتمع الدولي بالكف عن توجيه أي انتقادات للسودان، وطالب المبعوثان ذات المجتمع الدولي بالقيام بدوره في دعم السودان ومساندته في الدور الإنساني الذي وصفاه بالضخم، الذي يقوم به تجاه مئات الآلاف من اللاجئين الجنوبيين، الذين لم يغلق أمامهم حدوده، بل فتحها كما فتح شعبه بيوته وقلوبه بالترحاب لكل لاجئ، طبقاً لقول المبعوثين الذين نقلته "شبكة الشروق" أمس الأول.
وكان رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قد وجه بعد انفجار الأوضاع في جنوب السودان بسبب تمرد نائب الرئيس رياك مشار على الحكومة التي يقودها سلفاكير ميارديت، وجه بفتح حدود السودان مع دولة جنوب السودان لاستقبال الفارين من الحرب هناك ومعاملتهم كمواطنين، يحق لهم العمل والإقامة في أي منطقة داخل البلاد، وكانت ولاية النيل الأبيض أكثر الولايات التي استقبلت فارين من جحيم الحرب، لجهة أن ولاية أعالي النيل المتاخمة لحدود النيل الأبيض تعد إحدى أكثر المناطق تضرراً بالصراع الدامي في جنوب السودان، مما أدى إلى نزوح إعداد كبيرة من المواطنين هرباً من جحيم الحرب، ولم يكن أمامهم غير الدخول إلى السودان عبر حدود ولاية النيل الأبيض، وتم استقبالهم في معسكرات على الحدود، وقامت بعض المنظمات المحلية والعالمية لتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين.
ورغم إيجابية خطوة فتح الحدود أمام اللاجئين الجنوبيين ومعاملتهم كأبناء وطن، إلا أن هنالك انتقادات واسعة بحق الخطوة، لجهة أنها لم تكن كما أشيع من خلال القرارات، ويقول المنتقدون أن بعض اللاجئين تم منعهم من التوجه إلى مناطق أخرى داخل السودان وتم حجز اللاجئين في معسكرات رديئة غابت عنها المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات لساكنيها، لكن شهادة المبعوثين الدوليين أمس الأول، جاءت عقب زيارتهما لتلك المعسكرات، حيث أطلق مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عبد الله المعتوق، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريس، تعهدات قوية بأنهما لن يلتزما الصمت، وسيقودان حملة في مختلف المنابر والمنتديات الدولية للتعريف بالدور الإنساني للسودان ولجلب المزيد من الدعم له.
وزارة المعتوق وجوتيريس، معسكرات الوافدين من دولة جنوب السودان بمحلية الجبلين بولاية النيل الأبيض السودانية، كما عقدا اجتماعاً مطولاً مع أعضاء حكومة الولاية لبحث أوضاع اللاجئين واحتياجات مناطق الإيواء، ويشكو اللاجئون من انعدام مقومات الحياة في معسكراتهم، من حيث الغذاء والدواء، إلى جانب رداءة البيئة الصحية لتلك المعسكرات، وفي المقابل فإن الحكومة السودانية لا تستطيع مقابلة احتياجات المعسكرات، بل تمثل عبئاً إنسانياً وأمنياً عليها، وهو الأمر الذي جعل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة عبد الله المعتوق، يدعو دول العالم لدعم السودان ومساندته في استضافته لأكثر من 180 ألف لاجئ من دولة الجنوب وغيرهم، لافتاً إلى أن السودان يتحمل عبئاً هائلاً في الجوانب الأمنية والصحية ومختلف الخدمات بسبب العدد الكبير من اللاجئين الذي يجدون كامل الترحاب على أراضيه ووسط شعبه، وأوضح أن زيارته للسودان تهدف لخدمة اللاجئين والوقوف على الاحتياجات الإنسانية بالسودان، وتوطيد التعاون بين الحكومة والمنظمات الدولية، كما عبر المعتوق عن تقديره لقرار الرئيس عمر البشير بالتعامل مع الفارين من الحرب بالجنوب كأبناء السودان والسماح لهم بالحركة والتنقل حتى العمل.
بدوره أعلن المفوض السامي لشؤون اللاجئين، تكفل المفوضية بثلث احتياجات ولاية النيل الأبيض في تقديم الخدمات للاجئين والبالغة عشرة ملايين دولار، داعياً المجتمع الدولي وبقية المنظمات للتكفل ببقية المبلغ.
وقال المفوض جوتيريس "إن ما يزيد من تقديرنا لحكومة السودان أنه رغم ما يواجهها من تحديات وقلة الإمكانيات تقابل اللاجئين بكرم بالغ، وهذا ليس جديداً على السودان الذي بدأت المفوضية العمل به منذ 40 عاماً".
ودعا جوتيريس العالم للانتباه لمحنة اللاجئين الجنوبيين، وتزايد الحاجة للوقوف معهم، خاصة في ظل عدم وجود بوادر حقيقية لإنهاء الصراع في بلادهم في وقت قريب.
اللافت أن دعوة المبعوثين الدوليين جاءت مفاجأة للمراقبين، إذ أن المعهود من المبعوثين الدوليين الذين يزورون البلاد نقل صورة سالبة عن البلاد إلى مؤسساتهم الدولية، وعلى عكس دعوتهم الأخيرة، يطالبون المجتمع الدولي بفرض ضغوطات على السودان للإيفاء بما يرونه مطلوباً، وإن كان المجتمع الدولي كثيراً ما يستجيب إلى الدعوات التي تنادي بفرض عقوبات على السودان، فسيكون مواجهاً بسؤال هذه المرة، هل يستجيب المجتمع الدولي هذه المرة لدعوة المبعوثين لمساعدة السودان، فيما يتصل باستضافته للاجئين الجنوبيين؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق